فلمّا رأوا العامة أنّ الملك الناصر قد وقف بالرّفرف من القلعة، وحواشى بيبرس وسلّار قد وقفوا على باب الإسطبل محاصرينه، حنقوا من ذلك وحملوا وصرخوا يدا واحدة على الأمراء بباب الإسطبل، وهم يقولون: يا ناصر يا منصور! فأراد سمك قتالهم، فمنعه من كان معه من الأمراء وخوّفه الكسرة من العوامّ، فتقهقروا عن باب الإسطبل السلطانىّ وسطا عليهم العامّة وأفحشوا فى حقّهم. وبلغ ذلك بيبرس وسلّار فأركبا الأمير بتخاص المنصورىّ فى عدّة مماليك فنزلوا إلى العامة ينحّونهم ويضربونهم بالدبابيس ليتفرّقوا فاشتدّ «1» صياحهم: يا ناصر يا منصور! وتكاثر جمعهم وصاروا يدعون للسلطان، ويقولون: الله يخون الخائن، الله يخون من يخون ابن قلاوون! ثم حمل طائفة منهم على بتخاص ورجمه طائفة أخرى، فجرّد السيف ليضعه فيهم فخشى تكاثرهم عليه، فأخذ يلاطفهم، وقال لهم: طيّبوا خاطركم، فإنّ السلطان قد طاب خاطره على أمرائه، وما زال يحلف لهم حتّى تفرّقوا؛ وعاد بتخاص إلى سلّار وبيبرس وعرّفهم شدّة تعصّب العامّة للسلطان؛ فبعث الأمراء عند ذلك ثانيا إلى السلطان بأنّهم مماليكه وفى طاعته، ولا بدّ من إخراج الشباب الذين يرمون الفتنة بين السلطان والأمراء، فامتنع السلطان من ذلك واشتدّ، فما زال به بيبرس الدّوادار وبرلغى حتّى أخرج منهم جماعة وهم: يلبغا التّركمانىّ، وأيدمر «2» المرقبى، وخاصّ ترك؛ فهدّدهم بيبرس وسلّار ووبّخاهم وقصد سلّار أن يقيّدهم، فلم توافق الأمراء على ذلك رعاية لخاطر السلطان؛ فأخرجوا إلى القدس من وقتهم على البريد. ودخل جميع الأمراء على السلطان وقبّلوا الأرض ثم قبّلوا يده فخلع على الأمير بيبرس وسلّار، ثم سأل الأمراء السلطان أن يركب فى أمرائه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015