وبالجملة فقد كان حسن العشرة، تامّ العقل- إلا فى دعواه فهو حمق- والسكون، لطيف المذاكرة، حافظا لأشياء من النظم ونحوه، بارعا حسبما كنت أتوهّمه فى أحوال الترك ومناصبهم وغالب أحوالهم، منفردا بذلك لا عهد له بمن عداهم، ولذلك تكثر فيه أوهامه، وتختلط ألفاظه وأقلامه، مع سلوك أغراضه، وتحاشيه عن مجاهرة من أدبر عنه بإعراضه، وما عسى أن يصل اليه تركى!.
وقد تقدّم عند الجمالى ناظر الخاص بسبب ما كان يطريه به فى الحوادث، وتأثّل منه دنيا، وصار بعده الى جانبك الجداوى فزادت وجاهته، واشتهرت عند أكثر الأتراك ومن يلوذ بهم من المباشرين وشبههم فى التاريخ براعته. وبسفارته عند جانبك خلص البقاعى من ترسيمه حين ادعى عليه عنده بما فى جهته لجامع الفكّاهين، لكون البقاعى ممن كان يكثر التردّد لبابه، ويسامره بلفظه وخطابه؛ وربما حمله على إثبات مالا يليق فى الوقائع والحوادث مما يكون موافقا لغرضه، خصوصا فى تراجم الناس وأوصافهم، لما عنده من الضّغن والحقد، كما وقع له فى أبى العباس الواعظ وابن أبى السعود. وكان إذا سافر يستخلف فى كتابة الحوادث ونحوها التقىّ القلقشندى.
وقد صنف المنهل الصافى والمستوفى بعد الوافى فى ستة مجلدات تراجم خاصة على حروف المعجم من أوّل دولة الترك؛ والدليل الشافى على المنهل الصافى؛ ومورد اللطافة فيمن ولى السلطنة والخلافة؛ والبشارة فى تكملة الإشارة للذهبى؛ وحلية الصفات فى الأسماء والصناعات، مشتمل على مقاطيع وتواريخ وأدبيات، رتبه على حروف المعجم وغير ذلك «1» .
€