قال الذهبىّ: وكان كافور يدنى الشعراء ويجيزهم، وكان تقرأ عنده في كلّ ليلة السّير وأخبار الدولة الأموية والعباسيّة وله ندماء، وكان عظيم الحرمة وله حجاب يمتنع «1» عن الأمراء، وله جوار مغنّيات، وله من الغلمان الروم والسّود ما يتجاوز الوصف؛ زاد ملكه على ملك مولاه الإخشيذ؛ وكان كريما كثير الخلع والهبات خبيرا بالسياسة فطنا ذكيّا جيّد العقل داهية؛ كان يهادى المعزّ صاحب المغرب ويظهر ميله إليه، وكذا يذعن بالطاعة لبنى العبّاس ويدارى ويخدع هؤلاء وهؤلاء وتمّ له الأمر.

وكان وزيره أبو الفضل جعفر بن الفرات راغبا في الخير وأهله. ولم يبلغ أحد من الخدّام ما بلغ كافور؛ وكان له نظر في العربيّة والأدب والعلم. وممّن كان في خدمته أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله النّجيرمىّ «2» النحوىّ صاحب الزّجاج. وقال إبراهيم بن إسماعيل إمام مسجد الزبير: كان كافور شديد الساعد لا يكاد أحد يمدّ قوسه، فإذا جاءوه برام دعا بقوسه [وقال: ارم عليه «3» ] ؛ فإن أظهر الرجل العجز ضحك وقدّمه وأثبته؛ وإن قوى على مدّها واستهان بها عبس وسقطت منزلته من عنده. ثم ذكر له حكايات تدلّ على أنه كان مغرى بالرمى. قال: وكان يداوم الجلوس غدوة وعشيّة لقضاء حوائج الناس، وكان يتهجّد ويمرّغ وجهه ساجدا ويقول: اللهمّ لا تسلّط علىّ مخلوقا. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015