وَنَمْنَعُهُمْ إِحْدَاثَ كَنِيسَةٍ فِي بَلَدٍ أَحْدَثْنَاهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والأصح: اللزوم إذا أمكن؛ إلحاقًا لهم بأهل الإسلام في العصمة والصيانة.
هذا إذا جرى العقد مطلقًا، فإن جرى بشرط الدفع .. وجب لا محالة، وفيه احتمال للإمام.
وإذا التزمنا الدفع عنهم فلم ندفع ومضى الحول .. لم تجب جزية، كما لا تجب الأجرة إذا لم يوجد التمكين من الانتفاع، ويستأنف الحول من حين المعاونة.
ولو أغار أهل الحرب على أموال أهل الذمة ثم ظفر الإمام بهم فاسترجعها .. لزمه ردها على أهل الذمة، فإن أتلفوا .. فلا ضمان عليهم، كما لو أتلفوا مال مسلم، ويجب عليه استنقاذ من أسر منهم.
ثم إن المصنف لما فرغ من بيان ما يلزمنا بعقد الذمة .. شرع في بيان ما يجب عليهم وهو خمسة:
الواجب الأول: في حكم البيع والكنائس.
قال: (ونمنعهم) أي: وجوبًا (إحداث كنيسة في بلد أحدثناه) كبغداد والقاهرة والبصرة والكوفة؛ لما روى أبو أحمد بن عدي [3/ 361] عن عمر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تبن كنيسة في الإسلام ولا يجدد ما خرب منها).
وروى البيهقي [9/ 202]: أن عمر لما صالح نصارى الشام .. كتب إليهم كتابًا أنهم لا يبنون في بلادهم ولا فيما حولها ديرًا ولا كنيسة ولا قلابة ولا صومعة راهب، ورواه ابن أبي شيبة [7/ 634] عن ابن عباس أيضًا، ولا مخالف لهما من الصحابة.
وقال الحسن البصري: من السنة: أن تهدم الكنائس التي في الأمصار القديمة والحديثة، ويمنع أهل الذمة من بناء ما خرب منها، ولأن إحداث ذلك معصية ولا يجوز في دار الإسلام.
وهكذا الحكم في البيع وبيت نار المجوس والصوامع ومجتمع صلواتهم، فإن بنوا ذلك .. هدم، وسواء شرط عليهم ذلك أم لا.
قال الروياني: ولو صالحهم على التمكين من إحداثها .. فالعقد باطل.