وَدَفْعُ أَهْلِ الْحَرْبِ عَنْهُمْ، وَقِيلَ: إِنِ انْفَرَدُوا بِبَلَدٍ .. لَمْ يَلْزَمْنَا الدَّفْعُ

ـــــــــــــــــــــــــــــ

قتالهم حتى يعطوا الجزية، والإسلام يعصم النفس والمال، وكذلك الجزية، فإذا أتلفنا عليهم نفسًا أو مالًا .. وجب علينا ضمانه كما يجب ضمان المسلم؛ لأن ذلك فائدة عقد الذمة.

روى أبو داوود [3047] عن صفوان بن سليم، عن عدة من أبناء الصحابة، عن آبائهم دنية، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ألا من ظلم معاهدًا، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس .. فأنا حجيجه يوم القيامة).

وخرج بـ (المال): الخمر والخنزير، فإذا أتلفا عليهم .. فلا ضمان، وسواء أظهروه أم لا، لكن لو غصبهما مسلم من ذمي .. وجب ردهما على الصحيح، وعليه مؤنة الرد.

قال: (ودفع أهل الحرب عنهم) إن كانوا في بلاد الإسلام؛ لأنه لابد من الذب عن الدار ومنع الكفار من طروقها، وحكى ابن حزم فيه الإجماع.

هذا إذا كانوا في بلاد الإسلام، فإن كانوا مستوطنين دار الحرب وبذلوا الجزية .. لم يجب الذب عنهم قطعًا، وإن كانوا منفردين ببلد في جوار الدار .. وجب الذب على الأصح، فكلام المصنف مخصوص بالصورة الأولى، وإنما وجب الذب عنهم؛ لأنهم إنما بذلوا الجزية لعصمة الدماء والأموال.

ويلزمنا أيضًا دفع من قصدهم من المسلمين وأهل الذمة؛ ففي (سنن أبو داوود) [3045] بإسناد صحيح عن العرباض بن سارية: أن صاحب خيبر جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشكا إليه بعض ما يلقون، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس فاجتمعوا، فخطبهم وقال: (إن الله لا يحل لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلا بإذن، ولا ضرب نسائهم، ولا أكل ثمارهم إذا أعطوكم الذي عليهم).

قال: (وقيل: إن انفردوا ببلد .. لم يلزمنا الدفع)، كما لا يلزمهم الدفع عنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015