إلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ فَمَا فَوْقَهَا،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأفهم قوله: (وتغريب عام) أنه لو تغرب بنفسه سنة لا يكفي، بل لابد من تغريب الحاكم؛ لأن المقصود تنكيله، وعن ابن كج والماوردي الاعتداد به، فلو جلد نفسه .. لم يكف بالاتفاق.
والفرق: أن الجلد حق يستوفي منه به فلم يجز أن يكون مستوفيًا، والتغريب انتقال من بلد إلي بلد وقد وجد.
وأول مدة التغريب: ابتداء السفر، لا من حين الوصول إلي مكانه علي الصحيح: وينبغي للإمام أن يثبت أول مدته في ديوانه، فإن لم يفعل وادعي المحدود انقضائها ولا بينة .. صدق؛ لأنه من حقوق الله تعالي، ويحلف استحبابًا.
قال: (إلي مسافة قصر)؛ لأن ما دونها في حكم الحضر؛ لتواصل الأخبار فيها، والمقصود: إيحاشه بالبعد عن أهله ووطنه.
ولأن أبا بكر غرب إلي فدك، وهي قرية بخيبر بينها وبين المدينة مرحلتان.
وفي وجه: يجوز دون مسافة القصر بحيث ينطلق عليه اسم الغربة وتلحقه في المقام به وحشة؛ لإطلاق الخبر.
والثالث: يجوز إلي موضع لو خرج المبكر إليه .. لم يرجع في يومه إليه، وهي مسافة العدوى.
وظاهرة عبارة (الحاوي الصغير) المنع من التغريب إلي زيادة علي مرحلتين، فلو رجع المغرب إلي البلد الذي غرب منه .. رد إلي ما غرب إليه، والأصح: أنه يستأنف المدة، وقيل: يبني.
قال: (فما فوقها)؛ لعموم ما تقدم، هذا إذا رآه الإمام؛ لأن عمر غرب إلي الشام، وعثمان إلي مصر، وعلي إلي البصرة.
وقال المتولي: إن كان علي مسافة القصر موضع صالح .. لم يجز أن يغربه إلي ما فوقه، والصحيح: الجواز مطلقًا، وبه قطع الجمهور.