بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ وَمُسْتَوْفِيهِ وَالاخْتِلَافِ فِيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ وَمُسْتَوْفِيهِ وَالاخْتِلَافِ فِيهِ
(القصاص): القود, ولفظه مأخوذ من القص, وهو القطع, وقيل: من اقتصاص الأثر, وهو تتبعه؛ لأن المقتص يتبع الجاني إلى أن يقتص منه.
والمصنف رحمه الله عقد هذا الباب لما ذكره وللعفو, فذكر في الترجمة ثلاثة أمور, وعقد لكل منها فصلًا, غير انه خالف ترتيب الترجمة؛ لأنه قدم (فصل الاختلاف) على (فصل من يستوفي القصاص).
والأصل في الباب قبل الإجماع: قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} , وقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}
قال ابن عطية: وهذا نحو قول العرب: القتل أنفى للقتل, ويروى: أبقى- بباء وقاف- وأوفى, بالواو.
والمعنى: إن القصاص إذا أقيم وتحقق الحكم فيه .. ازدجر من يريد قتل أحد مخافة أن يقتص منه, وربما كان ذلك سببًا لموت كثير من القبائل, فلما شرع القصاص .. قنع الجميع به وتركوا الاقتتال, فلهم في ذلك حياة.
وقال تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} الآية.
وشرع من قبلنا شرع لنا إذا لم يرد في شرعنا ناسخ له في قول, وفي قول: هو شرع لنا إذا دل عليه الدليل, وقد دل.
روى البخاري [2703] عن أنس بن النضر: أن أخته الرُّبَيِّع كسرت ثنية جارية, فطلبوا الأرش وطلبوا العفو, فأبوا فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأمر بالقصاص, فقال أنس: أتكسر ثنية الرُّبَيِّع يا رسول الله؟! لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها, فقال: (يا أنس؛ كتاب الله القصاص) فرضي القوم وعفوا.