وَلَا تَجِبُ لِمًالِكٍ كِفَايَتَهُ وَلَا بِمُكْتَسِبِهَا. وَتَجِبُ لِفَقِيرٍ غَيْرِ مُكْتَسِبٍ إِنْ كَانَ زَمِنًا أَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونَا, وَإِلاَّ .. فَأَقُوَالٌ, أَحسَنُهَا: تَجِبُ, وَالثَّالِثُ: لِأَصْلٍ لَا فَرْعٍ. قُلْتُ: اَلثَّالثُ أَظْهَرُ, وَاَللهُ أَعْلَمُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وينبغي إذا فرض القاضي نفقة القريب .. لا يجب الاكتساب لها؛ لأنها بفرض القاضي صارت دينًا كما سيأتي, والدين لا يجب الاكتساب له.
قال: (ولا تجب لمالك كفايته)؛ لاستغنائه عنها.
قال: (ولا بمكتسبها)؛ لأنه غني بكسبه.
هذا إذا اكتسب كفايته, فإن قدر على بعض الكفاية .. استحق القدر المعجوز عنه.
قال: (وتجب لفقير غير مكتسب إن كان زمنًا أو صغيرًا أو مجنونًا)؛ لعجزه عن كفاية نفسه, وفي معناه: العاجز بالمرض والمغمى عليه, فإذا بلغ الصغير حدًا يمكن أن يتعلم حرفة أو يحمل على الاكتساب في بعض الأيام .. فعلى الأب الإنفاق عليه.
قال: (وإلا) أي: وإن لم يكن غير المكتسب صغيرًا ولا مجنونًا ولا زمنًا) .. فأقوال: أحسنها: تجب) للأصل والفرع؛ لأنه يقبح بالإنسان أن يكلف قريبه الكسب مع اتساع ماله, وبهذا قال أحمد, قال الرافعي: والفتوى اليوم عليه.
والقول الثاني: المنع؛ لأنه قادر على الاكتساب مستغن عن أن يُحمّل غيره كَلَّه, وصححه الغزالي.
قال: (والثالث: لأصل لا فرع, قلت: الثالث أظهر والله أعلم)؛ لعموم قوله تعالى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} وليس من المعروف تكليفهما الكسب مع كبر السن, وهذا هو المصحح في (الشرحين) , ولا فرق في ذلك بين الابن والبنت.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا تجب للابن وتجب للبنت إلى أن تتزوج؛ لعجزها عن الاكتساب, ثم لا يعود استحقاق النفقة بالطلاق عند أبي حنيفة.