وَلَوْ قَالَ: ارْبِطِ الدَّرَاهِمَ فِي كُمِّكَ فَأَمْسَكَهَا في يَدِهِ فَتَلِفَتْ .. فَالْمَذْهَبُ: أَنَّهَا إِنْ ضَاعَتْ بِنَوْمٍ ونِسْيَانٍ .. ضَمِنَ، أَوْ بِأَخْذِ غَاصِبٍ .. فَلاَ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال: (ولو قال: اربط الدراهم في كمك فأمسكها في يده فتلفت .. فالمذهب: أنها إن ضاعت بنوم ونسيان .. ضمن، أو بأخذ غاصب .. فلا)؛ لأن اليد أحرز من الكم بالنسبة إلى الغاصب، وتسلط الغاصب عليها ليس من فعل المودع ولا ناشيء عنه، وضياعها بالنوم أو النسيان ناشيء عن فعل المودع؛ لأنها لو كانت مربوطة في الكم ما ضاعت بهذا السبب، فالتلف حصل بسبب المخالفة، ونقل المزني عن الشافعي رضي الله عنه: أنه لا ضمان، ونقل الربيع عنه: الضمان، فنزل الأصحاب النصين على هاتين الحالتين، وهذه طريقة المراوزة.
والثانية: إجراء القولين فيهما وهي في كتب العراقيين.
وجه الأول: أن اليد أحرز؛ لأن الطرار يأخذ من الكم لا من اليد.
ووجه الثاني: أن ما في اليد يضيع بالنسيان وفتح اليد، بخلاف ما في الكم.
ومحلهما: ما إذا لم ينهه عن الحفظ في اليد، فإن نهاه .. خرجه الإمام على الخلاف فيما إذا قال: احفظه في هذا البيت ولا تنقل، فنقل منه إلى مثله أو أحرز.
أما إذا أطلق .. فله الوضع في الجيب واليد والربط في الكم، ولو امتثل فربطها في كمه .. لم يحتج إلى إمساكها باليد، ثم إن جعل الخيط خارج الكم فأخذها الطرار .. ضمن، أو استرسلت .. لم يضمن إذا أحكم الربط، وإن جعله داخله .. فبالعكس، واستشكله الرافعي؛ بأن المأمور به مطلق الربط، فإذا فعله .. لم ينظر إلى جهات التلف.
وقضيته: أنه لو قال: احفظ في هذا البيت فوضعه في زاوية منه فانهدمت .. يضمن؛ لأنه لو كان في غيرها لسلم، وهو بعيد.
وفرق ابن الرفعة؛ بأن جهات الربط مختلفة وجهات البيت مستوية، فإن فرض اختلافها في البناء أو القرب من الشارع ونحوه .. فقد يقال: يختلف الحكم، ثم قال: والحق: أن استشكال الرافعي على وجهه؛ لأن الربط في الكم حرز كيف كان ولا يجب الحفظ في الأحرز.