عن الإيمان بالله أمام تيارات الإلحاد الزاحفة التي تدمر كل قيم الإنسان وأخلاقيات وتهوي به إلى ما دون مرتبة الأنعام.
ومن الواضح أن الحديث عن الوحدة هنا يقصد به وحدة الفكر الديني وهو أمر لا يمكن تحقيقه بالتمني ولا حتى بالنوايا الطيبة. ولكنه يحتاج إلى مراجعة للمواقف ومواجهة للحقائق وإعادة العالم الصغير قبل توحيد العالم الكبير.
إن المنطق يقضي بأن تقوم الوحدة المسيحية أولًا بين طوائفها المختلفة، بعد ذلك تلتقي المسيحية الموحدة مع الإسلام للاتفاق على ما يجمع بينهما وترك نقاط الخلاف بعد إعلانها صراحة.
وإذا أردنا مواجهة الحقائق ومعرفة سبب الفرقة والشقاق الذي ولد العداوة والبغضاء نقول ما يقوله "ستيفن رنسيمان" في حديثه عن الشقاق الديني في المسيحية: "إن الموضوع الأساسي الذي دارت حوله خصوماتهم ومنازعاتهم فكان طبيعة المسيح التي تعتبر أهم وأعقد المشاكل في أصول الدين المسيحي"1؟.
لقد جاءت هذه المشكلة -التي مزقت المسيحية عبر القرون ومنعت ولا تزال تمنع أي إمكانية لحدوث تقارب فكري مع الإسلام- من بذور ألقاها بولس في رسائله التي بدأت كتابتها بعد رفع المسيح بأكثر من 20 عامًا. لقد خلط بولس بين الله والمسيح، ومن ثم بدأ الحديث عما يعرف بلاهوت المسيح وتجسد الإله.
يقول بولس: "الله إذ أرسل ابنه في شبه جسد الخطية، ولأجل الخطية دان الخطية في الجسد".
"الله.. الذي لم يشفق على ابنه بل بذله لأجلنا أجمعين".