والآن نقدم تراجم بعض شخصيات هذا العصر الذين برزوا في أحد أبواب المعرفة التي قدمنا الكلام عليها، متممين بذلك وصف النشاط العلمي والأدبي الذي وجد في المغرب على عهد المرابطين، فنضع الصورة في إطارها ونحيط بالموضوع من جوانبه كلها.
يكنى أبا محمد ونسبته إلى مدينة وجدة عاصمة المغرب الشرقي. ولي قضاء بلنسية لأول فتحها في الدولة اللمتونية واسترجاعها من الروم في رجب سنة 495 وعلى يديه وتحت نظره تم بناء المحراب بالمسجد الجامع منها في سنة ثمان وتسعين. وفي جانبه كان اسمه مخطوطاً إلى أن ملكها الروم ثانية في آخر صفر سنة 636 قاله ابن الأبار. وكان من جلة الفقهاء الحفاظ المسائل الرأي القائمين عليها. وكان يناظر عليه ويجتمع في ذلك إليه. وبه تفقته أبو حفص بن واجب وغيره. وقد حدث عنه أبو العرب عبد الوهاب بن محمد التجيبي وأبو عبدالله بن خليل القيسي نزيل مراكش وتوفي بيلنسية قبل سنة 510.
هو الفقيه المشاور أبو إسحق، المعروف بابن الفاسي، من أهل سبتة. أخذ عن شيوخ بلده. ولزم الفقيه أبا الأصبغ بن سهل وكتب له في قضائه بطنجة وغرناطة وسمع منه جميع كتبه وحدث بها عنه، وكان بصيراً بالشروط والوثائق؛ بل لم يكن في عصره من هو أقوم عليها منه، عارفاً بالأحكام متفنناً في معارف شتى. شاوره القضاة بالمغرب والأندلس، ودرس الفقه زماناً. وأخذ عنه من الأكابر القاضي عياض