وأمثاله. وكان عاقلاً مهيباً كثير الوقار لا يتكلم أحد في مجلسه إلا بمسألة علم أو كلام فيه نفع. وألف مختصر ابن أبي زمنين فنحا فيه أحسن منحى. وكانت وفاته في? جمادى الأولى من عام 513.
الفقيه القاضي أبو عبدالله محمد بن عيسى بن حسين التميمي، مولده بفاس سنة 429 وانتقل به أبوه إلى سبتة وهو شاب؛ فطلب العلم على أبي عبدالله المسيلي وغيره. ورحل إلى الأندلس ثلاث رحل، إحداها في شبيبته إلى إشبيلية؛ فقرأ بها الأدب على أبي بكر بن القصيرة، والثانية إلى المرية سنة 480 فأخذ عن ابن المرابط وأجازه الدلائي، والثالثة بسنة 88 إلى قرطبة فسمع من ابن الطلاع وأبي مروان بن سراج وغيرهما. واتسع في الأخذ وتقلد الشورى وتولى القضاء بسبتة وبفاس، وكان عارفاً بالفقه والحديث حافظاً ضابطاً كثير الكتب مليح الخط والإنشاء والمحاضرة، من أعقل أهل زمانه وأفضلهم وأسمتهم، تام الفضل، كامل المروءة عند الخاصة والعامة، عظيم القدر، وهو شيخ القاضي عياض الذي صدر به فهرسته، لازمه للمناظرة عليه في المدونة والموطأ وسماع المصنفات وأجازه جميع رواياته. قال: وكان من أحسن القضاة سيرة وأنزههم، وأجرأهم على الطريقة القوية، فمضى فقيراً حميداً واحتفل الناس بجنازته. وولع العامة بنعشه مسحاً بالأكف ولمساً بأطراف الثياب تبركاً به رحمة الله عليه. توفي في 21 جمادى الأولى سنة 505 وله ولد أسمه عبد الله من أهل العلم بالحديث والرواية والإتقان.
القاضي عياض
هو أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي السبتي. كان إمام وقته في الحديث وعلومه، عالم بالتفسير وجميع علومه فقيهاً أصولياً عالماً بالنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم، كاتباً شاعراً مجيداً، ريان من علم الأدب، خطيباً بليغاً، صبوراً حليماً جميل العشرة جواداً سمحاً كثير الصدقة دؤوباً على العمل صلباً في الحق. هكذا وصفه ابن فرحون في الديباج.