وأصحاب البراعة في الصناعتين. له في الشعر طبع متدفق رقيق، وفي الكتابة أسلوب راق منسجم، وألفاظه فصيحة ومعانيه واضحة، وروحه مرح نشيط، حتى إنه ليعدي قارئه من فرط الخفة والسهولة، وكان الأهل فاس افتتان عظيم بشعره. وألف الأنيس المطرب فيمن لقيته من أدباء المغرب ترجم فيه اثني عشر أديباً من أهل عصره بقلم فتحي شائق ونفس خاقاني رائق، وقد ضمنه مع ذلك كثيراً من شعره الفائق، فجاء ديواناً أدبياً ممتعاً يدل على رسوخ قدم مؤلفه في صناعة الإنشاء وقرض الشعر، وله أيضاً القصائد العشرة في التشوق إلى البقاع المطهرة، وكان كثيراً ما يهتف بديار الحجاز، ويتشوق إلي زيارة ساكنها عليه الصلاة والسلام فشرق عام 1138؛ فمات في طريقه إليها بمصر رحمه الله.
أبو الحسن علي بن أحمد بن قاسم بن موسى مصباح، به عرف هو وقومه، وهم من بني بصلوت من قبيلة الأخماس. أديب ماهر كاتب شاعر، نبغ في أيام الدولة الإسماعيلية، واختص بالوزير اليحمدي، فكان كاتبه ومساعده، وله فيه أمداح بليغة ضمنها كتابه الذي ألفه فيه وسقاه سنا المهتدي إلى مفاخر الوزير اليحمدي، وهو كتاب قال عنه أكنسوس (ملأه مؤلفه آداباً غضة، أنصع من جوهري الذهب والفضة) وله أيضاً كتاب أنس السمير في وقائع الفرزدق وجرير، وديوان شعر جمعه بنفسه وأثبت بآخره مجموعة من رسائله الأدبية، وبالجملة فهو من أعلام الأدب في هذا العصر، وشعره منوع الأغراض، رقيق الديباجة، عذب الألفاظ، وقد أثبتنا بعض آثاره في المنتخبات. وكانت وفاته بعد عام 1150.