هذا الباب وحديث النهي أكثر وأبعد من التعليل والتأويل. وحديث أبي هريرة الذي يتلو هذا الحديث- مع النهي الذي فيه- ينبئ عن شدة النكير، حيث أمره بالتكلف للقيء فإن الاستقاء والتقيء: هو أن يتكلف الرجل القيء. وحديث ابن عباس: (أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بدلو من ماء زمزم) يأول على أنه شرب قائما؛ لأنه لم يجد موضع القعود لازدحام الناس على زمزم، وابتلال المكان مع احتمال النسخ، فقد روي عن جابر أنه لما سمع رواية من روى أنه شرب قائما [132/ب] قال: قد رأيته صنع ذلك، ثم سمعته بعد ذلك ينهي عنه. على هذا الوجه يمكن التوفيق بين تلك الأحاديث.
[3170] ومنه حديث جابر- رضي الله عنه- (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على رجل من الأنصار ومعه صاحب له فسلم فرد الرجل وهو يحول الماء) الحديث. يحول الماء أي: ينقله من عمق البئر إلى ظاهرها.
وفيه: (إن كان عندك ماء بات في شنة وإلا كرعنا) لشن والشنة: القربة الخلق، وكأن الشنة هي الصغيرة من الشنان. وكانوا يردون الماء من الليل في الشنان؛ لأنها أبلغ في التبريد. وكرع في الماء يكرع كروعا: إذا تناوله بفيه [من] موضعه من غير أن يشرب بكفيه ولا بإناء.
وفيه: (ثم حلب فيه من داجن) قال ابن السكيت: شاة داجن إذا ألفت [البيوت] واستأنسن. قال: ومن العرب من يقولها بالهاء.
[3171] ومنه حديث أم سلمة- رضي الله عنها- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (الذي يشرب في إناء