قلت: (كأنه كره الاسم) كلام أدرج في الحديث من قول بعض الرواة، ولا يدرى من القائل منهم، وعلى الجملة، فإنه قول صدر عن ظن، والظن يخطئ ويصيب، فالظاهر أنه وقع هاهنا في القسم الأول؛ لأن النبي ? ذكر العقيقة في عدة أحاديث، ولو كان يكره الاسم لعدل عنه إلى غيره، ومن سنته تغيير الاسم إذا كرهه، وكذلك عدوله عن اللفظ المكروه إلى ما عداه، وكان يشير إلى كراهة الشيء بالنهي عنه، كقوله: (لا تقولوا للعنب الكرم).
وإنما الوجه فيه أن يقال: يحتمل أن السائل إنما سأله عنها لاشتباه تداخله من الكراهة والاستحباب والوجوب والندب، أو أحب أن يعرف الفضيلة فيها، ولما كانت العقيقة من الفضيلة بمكان لم يخف على الأمة موقعه من الله أجابه بما ذكر تنبيها على أن [127/أ] الذي يبغضه الله من هذا الباب هو العقوق لا العقيقة، ويحتمل أن يكون السائل ظن أن اشتراك العقيقة مع العقوق في الاشتقاق مما يوهن أمرها، فأعلمه أن الأمر بخلاف ذلك، ويحتمل أن يكون العقيقة في هذا الحديث مستعارا للوالد، كما هو حقيقة في حق المولود، وذلك أن المولود إذا لم يعرف حق أبويه وأبى عن أدائه صار عاقا، فجعل إباء الوالد عن أداء حق المولود عقوقا على الاتساع، فقال: (لا يحب الله العقوق) أي: ترك ذلك من الولد مع قدرته عليه يشبه إضاعة المولود حق أبويه، ولا يحب الله ذلك، والله أعلم.