[3004] ومنه حديث جابر - رضي الله عنه - (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر عليه حمار قد وسم في وجهه) الحديث.
إن قيل: كيف التوفيق بين هذا الحديث وبين ما ورد من الأحاديث في النهي عن لعن المسلم، مع أن الواسم لم يرتكب في صنيعه ذلك كبيرة، وقد وجدناه - صلى الله عليه وسلم - قد أظهر النكير على الذي لعن [نعيمان] حيث أتى به كرة بعد أخرى في شرب الخمر؟
فالجواب أن يقال: يحتمل أن الواسم لم يكن مسلما، أو كان من أهل النفاق، أعلمه بذلك ربه سبحانه فلم يصرح به ليكون أدعى إلى الانزجار عما زجر عنه، ويحتمل أن ذلك لم يكن على وجه الدعاء عليه، بل على سبيل الإخبار من الغيب، واستحق ذلك؛ لأنه علم بالنهى فأقدم عليه مستهينا به، ويحتمل أنه غضب على فاعل ذلك، فقابل صنيعه باللعن ليرتدع به غيره، ثم إن حاله في ذلك قد كانت مفارقة لحال غيره، فإنه سأل الله تعالى لا يجيب له في أمته فيما يدعو به عليهم مما يحمله عليه الغضب ويستحثه عليه البشرية، وذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - (اللهم إنما أنا بشر آسف كما يأسفون، وإني أعهد إليك عهدا لن تخلفينه فأيما مسلم سببته، لعنته، آذيته، فاجعلها له زكاة ورحمة) والله أعلم.
(ومن الحسان)
[3006] قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عدي بن حاتم - رضي الله عنه - (أمر الدم بما شئت) يلحن كثير من المحدثين في هذا اللفظ فيشددون الراء، ويحركون الميم ظنا منهم أنه من الإمرار، وليس بقويم، وإنما هو