(ومن الحسان)
[2981] حديث المسور ومروان وعلي: (إن بيننا عيبة مكفوفة) فسره ابن الأعرابي فقال: يريد أن بيننا صدرا نقيا من الغل والخداع والدغل، مطويا على الوفاء بالصلح. والمكفوفة: المشرجة المشدودة: والعرب تكنى عن القلوب والصدور بالعياب؛ لأنها مستودع السرائر، كما أن العياب مستودع حر الثياب. قال ابن الأنباري موادعة ومكافة: يجريان مجرى المودة التي تكون بين المتصافين الذين يفشي بعضهم إلى بعض أسرارهم.
قلت: والذي قاله ابن الأعربي في بيان ألفاظه من طريق اللهجة العربية فإنه حسن مستقيم، وهو الإمام الذي سبق كثيرا ممن يتعنى هذا الفن غير أني أرتاب في تقدير هذا المعنى، على أن بيننا صدرا نقيا من الغل فلا أدري: أيصح عنه أم لا، وذلك أن نقاوة الصدر من الغل بين المسلم والكافر أمر لا يكاد يستتب؛ كيف وقد فرض الله على المسلم بغض الكافر ومحبة هوانه، وأرى الوجه فيه أن يقال: إنهم أرادوا بذلك ترك ما كان بين الفئتين من الأضغان والدماء وانتهاب الأموال، وانتهاك الحرم مشرجا عليه في صدور القبيلين لا يكثر شيء منها إلى انقضاء الأجل. ويحتمل أنهم أرادوا بالعيبة: نفس الموادعة، أي: تكون الموادعة مطوية على تلك الخلال مشرجة عليها، وحملها في كلامهم على السرائر أكثر وأشهر، قال الشاعر:
ولقد حملت حديثهم في أضلع .... للسر مشرجة على الكتمان
وفيه: (لا إسلال ولا إغلال) الإسلال: السرقة الخفية، وكذلك السلة. ومنه قولهم: الخلة تورث السلة، والإغلال: الخيانة، ورجل مغل أي: خائن.