وفيه: (حتى أتى سيف البحر) أي: ساحله. قلت: والسيف - بالكسر - ساحل البحر، ولعل إضافته إلى البحر إنما كانت لمكان الاشتباه بسيف النخل، وهو: ما التف بأصول السعف كالليف.

وفيه: (يناشده الله والرحم لما أرسل إليهم) الرواية في (لما) بالتشديد، وهي في موضع (إلا)، وقد ذكر الجوهري في كتابه أن قول من قال: (لما) بمعنى (إلا) فليس يعرف في اللغة، قلت: وقد ذكر أهل التفسير لاسيما المتبحرون منهم في علم العربية في قوله تعالى {إن كل نفس لما عليها حافظ} على قراءة من قرأها بالتشديد أنها بمعنى إلا، ويحمل قول الجوهري على أنه لم يصادفه فيما بلغه من كلامهم، والعرب تستعمل هذا الحرف في كلامهم على الوجه الذي في الحديث، إذا أرادوا المبالغة في المطالبة، كأنهم يبتغون من المسئول ألا يهتم بشيء إلا بذلك، ومعنى [الحديث]: أرسلت قريش إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تقسم عليه أن لا يعاملهم بشيء، إلا بإرساله إلى تلك الطائفة، وردهم إلى مأمنهم بالمدينة، كيلا يتعرضوا لهم في سبيلهم.

[2978] ومنه قول البراء - رضي الله عنه - (ولا يدخلها بجلبان السلاح) الجلبان بتسكين اللام قيل: هو القراب وهو شبه الجراب من الأدم يوضع فيه السيف مغمودا، ويطرح فيه السوط، والآلات، ويعلق من أخرة الرحل، وأكثر المحدثين يروونه مضمومة اللام مشددة الباء، وفسره بعض أهل اللغة فقال: إنما سمي بذلك لجفائه، قال: ويقال: امرأة جلبانة: إذا كانت جافية الخلقة. ومن عادة العرب ألا يفارقهم السلاح في السلم والحرب، فاشترطوا أن تكون السيوف في القرب كيلا يظن أنهم يدخلوتها عنوةـ، وليكون ذلك أمارة للسلم، وقال الخطابي: يحتمل أن يكون جمع جلب، ودليل ذلك رواية مؤمل عن سفيان (ألا يجلب السلاح)، وجلب السلاح نفسه كجلب الرحل، إنما هو [نفس] خشب الرحل كأنه أراد به نفس السلاح، وهو السيف من غير أن يكون [121/أ] معه [أدوات] الحرب من لأمة ورمح وحجفة ونحوها ليكون علامة للأمن. قال: وقد جاء جريان السيف في هذا المعنى. قال الأصمعي: هو قراب السيف، فيحتمل أن يكون من باب تعاقب اللام والراء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015