يقال: موضع كذا مظنة من فلان، أي: معلم منه، من قولهم: ظن، أي: علم.
قال النابغة: رضي الله عنه:
فإن مظنة الجهل الشباب
ويقال: هو مظنة (لكذا) أي: حرى أن يكون موضعه. والمظنة أيضاً: الوقت الذي يظن كون الشيء فيه.
قالت قتيلة بنت النضر بن الحارث- رضي الله عنها:
يا راكبا إن الأثيل مظنة ... من صبح خامسة وأنت مونق
قلت: وأكثر ظني أني وجدت في بعض كتب أصحاب الحديث: (يبتغي القتل أو الموت) فإن ثبت ذلك، فالوجه في توحيد الضمير ظاهر، غير أن الصحيح منه على ما هو في كتاب المصابيح، كذلك أخرجه مسلم في كتابه، والوجه فيه أن يقال: اكتفى بإعادة الضمير إلى الأقرب كما في قوله تعالى: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله}. وقد سبق القول فيه. والمعنى: انه يخوض الغمرات التي يكون القتل والموت منه بمرصد، ويباشر الأخطار التي يتوقع فيها ذلك.
وفيه: (في رأس شعفة من هذا الشعف) الشعفة- بالتحريك- رأس الجبل، والجمع شعف وشعوف وشعاف، وشعفات.
وقوله: (من هذه الشعف) إشارة إلى الجنس الذي كانوا يعرفونها، لا إلى شعف بعينها.
وفيه: (حتى يأتيه اليقين) أي: الموت: والأصل فيه: العلم وزوال الشك، سمى به الموت لتحققه عند كل أحد، وزوال الشك فيه.
[2764] ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث زيد بن خالد الجهني- رضي الله عنه-: (ومن خلف غازياً في أهله) يقال: خلفه في أهله وفي قومه: إذا قام مقامه في محافظتهم، وإصلاح أودهم، وذلك بأن يتولى مصالح الغازي في أهله وماله، وينوب منابه فيما يهتم به في غيبته.
[2765]] ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث بريدة الأسلمي- رضي الله عنه- (فما ظنكم) أي: فما ظنكم بمن أحله الله بهذه المنزلة، وخصه بهذه الفضيلة وبما يكون وراء ذلك من الكرامة.