الحديث (حين مالت الشمس قيد الشراك). وفي حديث آخر (حتى ترتفع الشمس قيد رمح) يعني في رأي العين في الحديثين وفي حديث آخر: (لقاب قوس أحدكم من الجنة أو قيد سوطه) قيل: أصل قيد قود من القود وهو المماثلة والقصاص يدل عليه قولهم: قيس كذا (والربق) بالكسر: حبل فيه عدة عرى يشد به إليهم. الواحدة من العروة ربقة. شبه ما لزم الأعناق من حق الدين وذمة الإسلام بالربقة التي تجعل في أعناق إليهم، فاستعملها موضع العهد؛ لأنها تلزم لزوم الربائق الأعناق.
والمعنى: أن الذي خرج عن الطاعة وفارق ما عليه الجماعة بترك السنة واتباع البدعة ونزع اليد عن الطاعة ولو كان قدراً يسيراً يقدر في الشاهد قيد شبر، فقد نبذ عهد الله [96/أ] وأخفر ذمته التي لزمت أعناق العباد لزوم الربقة.
وفيه: (من دعا بدعوى الجاهلية فهو من جثي جهنم) الدعوى: الدعاء. قال الله سبحانه: {وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين} يقال: دعوته أي ناديته. والمعنى: من نادى بمثل نداء الجاهلية، وذلك أن الرجل منهم إذا غلب في الخصام ونيل منه نادى بأعلى صوته يا لفلان مستصرخاً ذويه وقومه فأتاه الصريخ من هنا وهنا مهرولين نحوه لا يلوون على شيء، قائمين بنصره ظالماً أو مظلوماً جهلاً منهم وعصبية، فأعلمهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الذي يبتغي في الإسلام سنة الجاهلية ويقتفيها فغنه من أهل جهنم. وجثى المقصورة فسرت بالجماعات وذلك أن الجثوة بالحركات الثلاث الحجارة المجموعة، وجثى الحرم- بضم الجيم وكسرها أيضاً- ما اجتمع فيه من حجارة الجمار والمفتوحة فيها يجمع على جثوات. وعلى هذا فضم الجيم وكسرها جائز فيها. والتي نحث والتي تحققها رواية الضم، ومن حقها أن تكتب بالياء. وأصحاب الحديث يرجعون في أمثال ذلك إلى ما يقتضيه التلفظ، فيكتبون بالألف كثيراً من الألفاظ التي حقها أن تكتب بالياء؛ لئلا تلتبس على الناقل، وهو سبيل لا يرتضيه أهل العربية. وقيل: (من جثى جهنم) بالياء المشددة جمع جاث. أي: الذين يجثون فيها. وأرى هذا الوجه- وإن قلت منه الرواية- أشبه بالصواب؛ لما يؤيده صيغة التنزيل قال الله تعالى: {ونذر الظالمين فيها جثياً} وعلى هذا فيجوز كسر الجيم فيه لما بعدها من الكسرة وقد قرئ بها في كتاب الله.
[2692] ومنه حديث حذيفة- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (إن العرافة حق ولابد للناس .. الحديث) العريف شاهد القوم وضمينهم كالنقيب يقوم بأمر القبيلة والمحلة ويلي أمورهم ويتعرف الأمير منه أحوالهم وهو دون الرئيس، والجمع عرفاء، تقول: عرف فلان- بالضم- عرافة- بالفتح- أي: صار عريفاً