الله عنه - حتى كان ما كان، ثم دس نفسه الخبيثة في الشيعة وأفضى إلى شرذمة من الجهال والأغمار منهم أن عليا - رضي الله عنه - هو المعبود، فعلم بذلك على - رضي الله عنه - فاستتابهم فأبوا فحفر لهم حفرًا وأشعل النار وأمر أن يرمى بهم فيها وفيه يقول:
وإنني لما رأيت منكرا ..... أوقدت نارًا ودعوت قنبرا
وإنما أحرقهم تنكيلاً بهم [86/ب] وكان ذلك منه عن رأى واجتهاد لا عن توقيف، ولهذا لما بلغه قول ابن عباس "لو كنت أنا لم أحرقهم ... الحديث" قال: ويح أم ابن عباس.
وأكثر أهل العلم على أن قوله: ويح أم ابن عباس ورد مورد المدح والإعجاب بقوله والاستشهادات فيه من العربية كثيرة، وزعم بعض أهل العلم على أنه لم يحرقهم، ولكن حفر لهم أسرابًا ودخن عليهم واستتابهم فلم يتوبوا، حتى قتلهم الدخان. والصحيح أنه أحرقهم. وفي تلك القصة يقول قائلهم:
لترم بي المنايا حيث شاءت .... إذا لم ترم بي في الحفرتين
إذا ما قرنوا حَطبا ونارا .... فذاك الموت نقدا غير دين
وفي كتاب أبي داود أنَّ عليا أحرق ناساً أرتدوا عن الإسلام. حمل الراوي أمرهم على الردة لما عرفوا به من إظهار الإسلام قبل إظهار ما أظهروه من الكفر، وبين في الرواية الأخرى التي في كتاب المصابيح من قوله: (أتى بزنادقة) أنهم كانوا قبل ذلك لا يتدينون بدين، وإنما تستروا بإظهار الكلمة.
[2567] ومنه حديث أنس - رضي الله عنه - (قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفر من عكل فأسلموا فاجتووا المدينة ... الحديث) النفر بالتحريك عدّة رجال من ثلاثة إلى عشرة. وقد عرفنا من الروايات الصحاح أن أولئك كانوا ثمانية. وعكل قبيلة وبلد أيضا وأريد بها هاهنا القبيلة. وفي بعض طرق هذا الحديث (نفر من عرينة) وفي بعضها (رهط من عُرْينة) وفي بعضها (رهط من عُكل وعُرينة) فإن لم يكن عُرينة بطن من عكل فلعلَّ بعضهم كان من عكل وبعضهم من عُرينة والأول أشبه لاشتهار القصة بالعربنيَّين وفي بجيلة بطن يقال لها عُرينة مصغرة، والنسبة إليها عُرَيْنى.