[2455] ومنه: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: (والله، لأن يلج أحدُكم بيمينه في أهله - الحديث) لجِجت - بالكسر - أَلَجُّ - بالفتح، من اللج، واللجاجة، ولَجَجت - بالفتح، ألجُّ - بالكسر لغةٌ فيه. أراد به الرجل يحلف على الشيء أن لا يفعله، وقصدُه فيه اللجُّ مع أهله، فإذا سئل أن يفعل تعلّل باليمين، والحديث يقرب في المعنى من قوله - سبحانه -: {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس} وقوله: (آثم) أي: هو بصنيعه ذلك آثمُ منه، أن لو فعل المحلوف عليه وأعطى الكفارة، ولم يُرد بذلك أن في تكفير تلك اليمين إثمًا، حتى يكون في تركه أشدّ وآكد؛ لأن الشرع ورد بتكفير اليمين في تلك الصورة من غير حرج.
ولكنّه أخرج الكلام مخرج المعارضة فيما يدّعيه من السبرّ، في التعلّل [79/أ] باليمين عند اللجاجة، فكأنّه قال: إن كان يرى في تلك اللجاجة وتكفير اليمين إثما، فهو فيما آتخذه ذريعة إلى الامتناع عن فعل ما هو أسلم وأ [ر له، أشدّ وزرًا وأكثر إثما. ونقل عن بعضهم في تفسيره، أنه قال: استحل فلانٌ متاع فلان وتلجَّجَه: إذا ادّعاه، فذهب في معنى اللج إلى ادّعاء البِرّ. وقد قيل فيه غير ذلك. والوجه فيه ما قدّمنا.
ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - لعبد الرحمن بن سمرة: (وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها، فكفر عن يمينك.
[2460] ومنه: حديثهُ الآخر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (يمينك على ما يصدّقك عليه صاحبُك).
المراد منه: اليمين الواجبة في الدعوى الذي يدّعيه من تسعه دعواه على من لا يسعه الجحود، فلا يحلّ له أن يورى فيها، بل يأتي بها في الظاهر على النعت الذي هي عليه في الباطن، وإذا لم يكن المدَّعِى محقاً فالمدَّعَى عليه في سعة من ذلك.