ومن كتاب المناسك
(من الصحاح)
[1736] حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أيها الناس، قد فرض الله عليكم الحج فحجوا).
الحج في اللغة: القصد؛ تقول العرب: حج بنو فلان فلاناً، أي: أطالوا الاختلاف إليه، قال المخبل:
وأشهد من عوف حلولاً كثيرة .... يحجون سب الزبرقان المزعفرا
وهو في تعارف الشرع: قصد البيت للتقرب إلى الله، بأفعال مخصوصة، بزمان مخصوص، في أماكن مخصوصة.
وكسر الحاء لغة فيه، وقيل: الحج، بالفتح: مصدر، بالكسر: الاسم.
وقول الرجل، وهو الأقرع بن حابس: (أكل عام): قول صدر عنه على ما عرف من تعارفهم في لفظ الحج؛ على ما ذكرنا أنه قصد بعد قصد؛ فكانت صيغته موهمة للتكرار.
قلت: والظاهر أن هذا اللفظ استعمل في زيارة البيت، تنبيها على أن الوفد يترددون إلى ذلك البيت المبارك كرة بعد أخرى، وأنهم لا ينقطعون عنه يد الدهر.
وفيه: (فسكت حتى قالها ثلاثاً):
إنما سكت، زجراً له عن السؤال الذي كان السكوت عنه أولى بأولى الفهم المتأدبة بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، المتلقية قوله بإلقاء السمع، الذين نور الإيمان قلوبهم، وذلك لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما بعث لبيان الشريعة، فلم يكن ليسكت عن بيان أنر علم أن بالأمة حاجة إلى الكشف عنه، فالسؤال عن مثله تقدم بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد نهوا عنه، وفي الإقدام عليه ضرب منا لجهل، ثم فيه احتمال أن يعاقبوا بزيادة التكليف، وإليه أشار بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (ولو قلت: نعم، لوجبت، ولما استطعتم)، وإنما قال: (لوجبت) على صيغة التأنيث؛ لأنه أراد حججاً كثيرة، لتكررها عليهم عاماً بعد عام، أو أراد: لوجبت كل عام حجة.
[1737] ومنه: حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أي العمل أفضل؟ ..