الأسود: الحية العظيمة التي فيها سواد، وهي أخبث الحيات، وذكر أن من شأنها أن يعارض الركب، ويتبع الصوت؛ فلهذا خصها بالذكر، ثم ثنى بذكر الحية التي تشمل سار مسميات جنسها.

و (أسود) - ههنا- منصرف؛ لأنه اسم وليس بصفة، ولهذا يجمع على (أساود).

وفيه: (ومن ساكن البلد، ووالد وما ولد):

أراد بـ (ساكن البلد) الجن الذين هم سكان الأرض، وأراد بـ (البلد): الأرض، يقال: هذه بلدتنا، أي: أرضنا، كما يقال: بحرتنا قال النابغة:

................ .... فإن صاحبها قد تاه في البلد

(ووالد وما ولد)، قال الخطابي: والد: إبليس، وما ولد: نسله وذريته.

قلت: وحمله على العموم أمثل؛ لشموله على أصناف ما ولد وولد، وعلى ما يتولد منهما تخصيصاً للياذ والالتجاء بمن لم يلد ولم يولد وله الخلق والأمر، واعترافاً بأن لا استحقاق لغيره في ذلك؛ تبارك لله رب العالمين [16/].

[1692] ومنه: قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أنس- رضي الله عنه-: (بك أحول، وبك أصول):

أي: بك أحتال، وأتحرك، وأحمل على العدو، وقد مر تفسيره.

[1693] ومنه: قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي موسى- رضي الله عنه-: (اللهم، إنا نجعلك في نحورهم).

يقال: جعلت فلاناً في نحر العدو، أي: قبالته، وحذاءه، وتخصيص (النحر) بالذكر؛ لأنا لعدو يستقبل بنحره عند المناهضة للقتال، والمعنى: نسألك أن تتولانا في الجهة التي يريدون أن يأتونا منها، ونتوقى بك عما يواجهوننا، فأنت الذي تدفع في صدورهم، وتكفينا أمرهم، وتحول بيننا وبينهم.

ولعله اختار هذا اللفظ؛ تفاؤلاً بنحر العدو، أعني: قتلهم، مع ما أراد منا لمعنى الذي ذكر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015