ووجه التكبيرات على الاماكن العالية هو استحباب الذكر عند تجدد الأحوال والتقلب في التارات، وكان - صلى الله عليه وسلم - يراعى ذلك في الزمان والمكان، وذلك لأن اختلاف أحوال العبد في الصباح والمساء والصعود والهبوط، وما أشبه ذلك مما ينبغي ألا ينسى ربع عند ذلك، فإنه هو المتصرف في الأشياء بقدرته، المدبر لها بجميل صنعه.
وفيه: (وهزم الاحزاب وحده):
الحزب: جماعة فيها غلظ، وقد تحزب القوم، أي: صاروا أحزاباً وفرقاً، والأحزاب: عبارة عن القبائل المتجمعة لحرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومنه: يوم الأحزاب وهو يوم الخندق وإنما ذكر الأحزاب مع علمه أن الله هو الذي لا يهزم جنده، وأنه القادر على إفناء الخلق في أدنى اللحظات، فضلاً عن هزمهم وفلهم، تذكراً لمنة الله عليه في ذلك، وعلى من اتبعه من المؤمنين، فقد كانت قريش قد أقبلت في عشرة آلاف من الأحابيش وبني كنانة وأهل تهامة، وقائدهم: أبو سفيان، وغطفان في أل ومن تابعهم من أهل نجد، وقائدهم: عيينة بن حصن، وعامر بن الطفيل هو هوازن، وانضمت إليهم يهود قريظة والنضير ومضى على الفريقين قريب من شهر لا حرب بينهم إلا الترامي بالنبل والحجارة؛ فأرسل الله عليهم ريح الصبا في ليلة شاتية [14]، فأحصرتهم، وسفت التراب في وجوههم، وأطفأت النيران، وأكفأت القدور، وقلعت الأوتاد، وبعث ألفاً من الملائكة، فكبرت في ذوائب عسكرهم، فهاجت الخيل بعضها في بعض، وقذف في قلوبهم الرعب، فانهزموا؛ وفي ذلك نزل قوله سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها}.
[1681] ومنه: حديث عبد الله بن [بر] المازني- رضي الله عنه-: (نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أبي، فقربنا إليه طعاماً ووطبة):