بسم الله الرحمن الرحيم رب تم بالخير.
الحمد لله رب العاملين حمد الشاكرين، وصلى الله على خير خلقه ومظهر حقه محمد وآله الطيبين وأصحابه الطاهرين:
ومن الفصل
(من الصحاح)
[1628] حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لما قضي الله الخلق ... الحديث) القضاء: فصل الأمر، قولاً كان ذلك أو فعلاً، فقوله: (قضي الله الخلق) أي خلقهم ومن هذا القبيل قوله تعالى: {فقضاهن سبع سموات في يومين}.
وفيه: (فهو عنده فوق العرش) يحتمل أن يكون معناه: فعلم ذلك عنده، ويحتمل أن يكون المراد من الكتاب الشيء المكتوب نفسه، وأياً أراد به، فقوله: (فوق العرش) تنبيه على جلال قدر ذلك الكتاب، واستئثار الله إياه بعلمه، وتفرده بعلم ما تضمنه، [ومحيطه] الذي [...] فيه، حيث وضعه بأكرم موضع، ورفعه أعز مرفع.
وفيه: (إن رحمتي سبقت غضبي) وفي رواية (غلبت): المراد من هذا الكلام بيان سعة الرحمة وشمولها على الخلق، حتى كأنها السابق والغالب، وهو جار مجرى الاستعارة على مجاز كلام العرب في المبالغة، يقال: غلب فلان المنع، وغلب على فلان العطاء، أي أن الشيء الموصوف بالغلبة أكثر أفعاله وأظهر خصاله، وإنما أولنا الحديث على هذا؛ لأن غضب الله ورحمته صفتان من صفاته راجعتان إلى إرادته الثواب والعقاب، وصفاته لا توصف بالسبق والغلبة لإحديهما على الأخرى.
[1629] ومنه حديثه الآخر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إن لله مائة رحمة ....) الحديث، رحمة الله تعالى غير متناهية، فلا يعتورها التجزئة والتقسيم، وإنما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يضرب لأمته مثلاً، فيعرفوا به التناسب