[1539] ومنه: حديث سلمان - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا يرد القضاء إلا الدعاء .. الحديث). القضاء: الأمر المقدور، والذي يهتدى إليه من تأويل هذا الحديث وجهان: أحدهما أن نقول: أراد بالقضاء ما يخافه العبد من نزول المكروه، ويتوقاه، فإذا وفق العبد للدعاء دفع الله عنه ذلك، ويكون تسميته بالقضاء على المجاز والاتساع على حسب ما يعتقده المتوقى عنه، ويزيد هذا المعنى وضوحا حديث أبي خزامة عن أبيه: يا رسول الله! أرأيت رقى نسترقيها، وتقاة نتقيها، ودواء نتداوى به، أيرد ذلك من قدر الله شيئا؟ قال: (هي من قدر الله). ثم إنا نقول: كما لم يحسن منهم ترك التداوي [182/أ] مع إيمانهم بالقدر - لم يجز لهم ترك الدعاء وقد أمر الله به، مع علمهم بأن المقدور كائن؛ لأن حقيقة المقدور وجودا وعدما مخفية عنهم.
والآخر أن نقول: إن كان المراد من القضاء الحقيقة فالمراد من الرد تهوينه وتيسير الأمر فيه؛ حتى يكون القضاء النازل كأنه لم ينزل، وقد كنت معنيا بهذا التأويل من غير أسوة، حتى اطلعت على نحوه من أقاويل أهل العلم، منهم أبو حاتم السجستاني، ويدل على صحة هذا التأويل.