وذكر الدرع؛ لأنها قميص النساء، ثم إن النياحة تختص بشغلهن اختصاص الدرع بملابسهن، فشاركت أهل النار في لباسهم، واختصت بدرع من جرب؛ للمعنى الذي خصت به.
ثم إنا نظرنا إلى المناسبات الواقعة بين الذنوب وعقوبتها؛ فوجدنا لتعذيبها بالجرب وجهين:
أحدهما: أنها كانت تخمش وجهها، فابتليت بما لا صبر لها عليه إلا بالخمش والتمزيق.
والآخر: أنها كانت تجرح بكلماتها المرقة قلوب ذوي المصيبات وتحرك بها بواطنهن؛ فعوقبت في ذلك المعنى بما يماثله في الصورة، والله أعلم.
ومنه: قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أنس: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى): الصدم: ضرب الشيء بمثله، والرجلان يعدوان فيتصادمان، ومعناه: أن كل [137/أ] ذي مرزية قصاراه الصبر، ولكنه إنما يحمد ويثاب عند فورتها؛ فإن الرزية إذا طالت الأيام عليها [...] المصاب، وصار الصبر طبعاً؛ فلم يؤجر عليه.
[1181] ومنه: حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد فيلج النار إلا تحلهة القسم).
يقال: حللته تحليلاً وتحلة، كما يقال: غررته تغريراً وتغرة؛ قال الله تعالى: {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم} التحريم:2، أي: شرع لكم تحليلها بالكفارة، وقيل: تحليلها بالاستثناء؛ فالتحلة: ما تتحل به عقد اليمين، وتحلل به ما حرم على المقسم.