[2] حديث عمر بن الخطاب: (بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) إذ طلع علينا بين أوقات جلستنا بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبينا: فعلى. أشبعت الفتحة فصارت ألفا، وبينما: زيدت عليها (ما). والمعنى واحد.
يقول: بينا نحن نرقبه أتانا. أي أتانا بين أوقات رقبتنا إياه.
وفيه: (إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب).
قد علمنا بهذا الحديث وبما ورد في معناه من الأخبار الصحيحة التي تنقطع العذر دونها؛ لحصول التواتر فيها أو في جنسها أن جبريل- عليه السلام- كان يتمثل بشرا، وتلك الهيئة لم تكن مختصة به لما ثبت من نزول الملائكة يوم بدر ويوم حنين وفي غزوة الخندق وغزوة بني قريظة للنصرة متمثلين في صورة الرجال، وقد شهد التنزيل بأن الملك يتمثل بشرا، قال الله تعالى: {فتمثل لها بشرا سويا}.
ولكن هل لعموم الملائكة التجلي في صورة البشر أم لا؟ فسبيل ذلك التوقيف وإن كان العقل يجوزه، أو يحكم به؛ لأن الوقوف على أمثال ذلك مقطوعا به لا يحصل إلا من طريق النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومقولات أبناء الضلالة في هذه المسألة بمعزل عن ذلك.
مذهب أهل الحق أن الملك إذا تجلى في صورة بشر فذلك بأمر الله- تعالى- وتكوينه لا بقوة الملك وتصرفه في ذاته وقدرته على ذلك واختياره فغنه مقدور مقهور لا يقدر على شيء من ذلك والله القادر على كل شيء.
ولو اعتبرت المناسبة بين الهيئة التي تراءى فيها الملك وبين الحالة التي كان عليها لسوغ أن يقال: شدة بياض الثياب لصفاء الأعمال وكمال النورانية، وشدة سواد الشعر مناسب لكمال القوة الملكية.
وفيه إشارة إلى طلب العلم في ريعان الإدراك، وعنفوان الشباب، وإلى إيثار النظافة والنقاوة للحضور في المجالس السادة.
قوله: (ووضع يديه على فخذيه): الضمير في يديه وفخذيه يعود إلى جبريل، عليه السلام، ولو ذهب مؤول إلى أن الضمير في فخذيه عائد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر عليه لما يدل عليه نسق الكلام من قوله (وأسند ركبتيه إلى ركبتيه) غير أنا نذهب إلى الوجه الأول؛ لأنه أقرب إلى التوقير، وأشبه بسمت ذوي الآداب.
ونقوا: إن الراوي استغنى في الكلمتين الأوليين عن الإيضاح بإضافة الثانية إلى مظهر اتكالا على ما