[1] قوله (- صلى الله عليه وسلم -): (إنما الأعمال بالنيات ...) الحديث يرويه عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-.
النية: العزيمة، وهي قصد القلب وتوجهه على الشيء. أشار - صلى الله عليه وسلم - بكلمة (إنما) إلى أن قوام الأعمال بالنيات وأن لا عبرة بالأعمال إذا خلت عن النيات؛ لأنها العاملة بركنيها إيجابا ونفيا، فبحرف التحقيق تثبت الشيء وبحرف النفي تنفى ما عداه وهذا كما يقال: إنما الأجساد بالأرواح، أي قيام الأجساد وحيويتها بالأرواح.
ولو قيل إنه أراد به [...] فله وجه محمل، كما يقال: إنما المرء بأصغريه. وليس في هذا القول تعريض بتهوين أمر النية وإنما فيه التنبيه على استخلاصها عن النقائص والإتيان بها على صفة الكمال.
وقوله (- صلى الله عليه وسلم -): (وإنما لامرئ ما نوى) يؤكد كلا المعنيين، ويشير إلى أن حس القبول منوط بحسن النية، ومقادير المثوبات على مراتب النيات في قوة العزيمة والتخلص عن شوائب الرياء، والتجرد عن دسائس الهوى.
وقوله - صلى الله عليه وسلم - (فمن كانت هجرته إلى الله وإلى رسوله) أي فمن كانت نتيه في الهجرة الهجرة إلى الله وإلى رسوله فهي كما نواها، فهجرته إلى الله وإلى رسوله. (ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها): دنيا: مقصورة غير منونة؛ لأنها على بناء فعلي؛ فلا يجوز فيها التنوين.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (أو امرأة يتزوجها): لهذا القول سبب رواه جمع من أئمة الحديث في كتبهم عن عبد الله ابن مسعود- رضي الله عنه- وهو أنه قال: هاجر رجل من مكة إلى المدينة بسبب امرأة يقال لها أم قيس فقالوا له هذا مهاجر أم قيس. فكأنه - صلى الله عليه وسلم - عرض بهذا القول توبيخا على صنيعه وتنبيها له على الإنابة عن ذلك، وتذكيرا لأهل الاعتبار.
أورد الشيخ هذا الحديث في عنوان كتابه تأسيا بجمع من العلماء استحبوا تقديم هذا الحديث في كتبهم تفاؤلا بحسن النية وتيمنا بهذا الحديث منهم البخاري رحمة الله عليهم.