يخلو منها أدنى ساعة فإن من أعظم نعمة عند العباد نعمة الحياة، وذلك بتجدد الأنفاس أو كلاماً هذا معناه.
وأما حديثه الذي يتلو هذا الحديث (أن النبي ? رأى فخر ساجداً شكراً لله) فإنهم لا يرون الاحتجاج به؛ لأنه حديث مرسل على ما بلغهم، وقد رواه جمع من علماء الحديث عن أبي جعفر محمد ابن علي - رضي الله عنه - وعن آبائه الكرام (أن النبي ? مر برجل تغاش فخر ساجداً ثم قال: أسأل الله العافية).
قلت: والنغاشي يقال بياء مشددة وبغير ياء، وقد ورد بها الرواية على ما ذكرناه، وقال أبو عبيد في تفسيره هو: الفضيع الشباب، ومعنى قوله: فضيع هو الذي بقي قمئاً لا يشب ولا يزداد، يقال فضع الله شبابه، وغلام مفضوع وقد فضع فضاعة فهو فضيع، وقال النضر بن شميل: رجل نعاشي أي قصير وقلطي وهو فوق النغاشي ولم يذكر أحد شيئاً في أصل هذا الحرف من الاشتقاق اللغوي، ولم نجد كلمة من هذا البناء إلا قولهم لكل شيء من الطير والهوام إذا خف وتحرك في مكانه: قد تنغش، ومنه حديث محمد بن مسلمة الأنصاري - رضي الله عنه (لما كان يوم أحد وقال رسول الله: من يأتيني بخبر سعد بن الربيع قال فمررت به وسط القتلى صريعاً في الوادي فناديته فلم يجب) فقلت: إن رسول الله ? أرسلني إليك قال: فتنغش كما يتنغش الطير) ومنه حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه (خرجنا مع رسول الله ? من مكة نريد المدينة فلما كنا قريباً من عزوزا) الحديث. عزوزا: اسم موضع بين الحرمين سميت بذلك إما لصلابة أرضها، وإما لقلة مائها، والعزاز بالفتح الأرض الصلبة، وقد أعززنا فيها أي وقعنا وسرنا فيها، وأرض معزوزة أي شديدة، والعزوز من النوق الضيقة الإحليل التي تجهد حتى ينزل لبتها، والعزوز من الشاة البكية.
وفيه بعد ذكر السجدات الثلاث (إني سألت ربي وشفعت لأمتي فأعطاني ثلث أمتي) إلى آخر الحديث، أي أعطانيهم فلا يجب عليهم الخلود فتنالهم شفاعتي فلا يكونون كالأمم السالفة فإن من عذب منهم وجب عليه الخلود وكثير منهم [124/ب] لعنوا بعصيانهم الأنبياء فلم تنلم الشفاعة، والعصاة من هذه الأمة من