من آيات الله التي يخوف بها عباده، كالخسوف وما اشبهه فصلوا، وفي معناه الحديث (كان رسول الله ? إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة) وقد ذكر السجود ويراد به الصلاة فسبيل العباد فيما ينوبهم من الآيات المتضمنات للتخويفات الجأ إلى ذكر الله والاعتصام بحبله والتقرب إليه بالصلاة، ويقرر هذا المعنى قوله ? (إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكن آيتان من آيات الله يخوفكم بها فإذا كسفا فافزعوا إلى ذكر الله تعالى حتى ينجليا) فسن النبي ? الصلاة في هاتين الآيتين تفخيماً لشأنهما وتهويلاً من أمرهما، وأشار أيضاً إلى الحث على الصلاة واللجأ إلى الذكر في بقية الآيات بقوله (إذا رأيتم أية فاسجدوا).
وأما قول ابن عباس (وأي آية أعظم من ذهاب أزواج النبي ?) فإنه جعل ذلك من جملة الآيات لما فيها من التخويف ولما رآها في التخويف أبلغ الآيات المعهودة قال (وأي آية أعظم من ذهاب أزواج النبي ?) كأنه ذهب في ذلك إلى المفهوم من قوله: (وأنا آمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون وأصحابي أمنة لأهل الأرض) الحديث. فرأى بقاء الأمنة على أصحاب النبي ? ببقاء أهله؛ لأن أهل الرجل يعد من جملته، أو رأى بقاء الأمنة على أهل الأرض ببقاء أزواجه لأنهن ضممن مع فضل الصحبة شرف الزجية فكن بهذا المعنى أولى من غيرهن، فكان وفاتهن سالبة للأمنة موجبة للتخويف فعدها من الآيات؛ لأنها في معنى التخويف من أعظم الآيات.
[1014] ومنه: حديث أبي بكرة - رضي الله عنه - (أن النبي ? كان إذا جاءه أمر يسر به خر ساجداً شكراً لله).
قلت: قد أورده ابو عيسى في كتابه عن أبي بكرة وفي روايته (أن النبي ? أتاه أمر فسر به فخر ساجداً) ذهب جمع من العلماء إلى ظاهر هذا الحديث فرأوا السجود مشروعاً في باب شكر النعمة، وخالفهم آخرون فقالوا: المراد من السجود الصلاة، وحجتهم في هذا التأويل ما ورد في الحديث أن النبي ? لما أتى برأس أبي جهل خر ساجداً، وقد روي عن عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنه - وفي روايته (صلى رسول الله ? [124/أ] بالضحى ركعتين حين بشر بالفتح أو برأس أبي جهل).
ونضر الله وجه أبي حنيفة فقد بلغنا عنه أنه قال، وقد ألقى عليه هذه المسألة، (لو ألزم العبد السجود عند كل نعمة متجددة عظيمة الموقع عندها [....] كان عليه أن لا يغفل عن السجود طرفة عين؛ لأنه لا