باب المواقيت

ومن باب المواقيت

(من الصحاح)

[380] قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عبد الله بن عمر- رضي الله عنه- (فإذا طلعت الشمس فأمسك عن الصلاة فإنها تطلع بين قرني الشيطان) ذكر أصحاب المعاني وغيرهم من المبرزين في تفسير غريب الحديث في ذلك وجوها، أحدها: أن الشيطان يرصد وقت [64/أ] طلوع الشمس فينتصب قائما في وجه الشمس ليكون طلوعها بين قرنيه وهما فوداه فيكون مستقبلا لمن يجد للشمس فينقلب سجود الكفار للشمس عبادة له فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته عن الصلاة في ذلك الوقت، ليكون صلاة من عبد الله في غير وقت عبادة من عبد الشيطان.

وثانيها: أنه أراد بقرنيه حزبيه الأولين والآخرين، يقال هؤلاء قرن أي نشيء: وذلك لأنهم يبعثون في ذلك الوقت لإضلال البشر، ويؤيد هذا المعنى قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث آخر (إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان).

قلت: والقرن في هذا الحديث يحتمل أن يكون بمعنى الاقتران أي: يظهر الشيطان مع الشمس مقارنا لها.

وثالثها: أنه من باب التمثيل شبه الشيطان فيما يسوله لعبدة الشمس ويدعوهم إليه من معاندة الحق، بذوات القرون التي تعالج الأشياء وتدفعها بقرونها، ويحتمل أنه أراد بالقرن القوة، من قولهم أنا مقرن له أي مطيق وإنما ذكره بلفظ التثنية تشبيها له بذوات القروت التي تعتد بقرونها اعتداد ذوي الشوكة بشوكتهم.

ونرى المختار من هذه الوجوه الوجه الأول؛ لما روى في الحديث (أن الشيطان يقارنها إذا طلعت فإذا ارتفعت فارقها فإذا استوت قارنها فإذا زالت فارقها غربت قارنها)، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عمرو بن عبسة- رضي الله عنه- (فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار). ومن الرواة من يروى بين قرني الشيطان بالألف واللام ومنهم من يرويه بغير ألف ولام وقد ورد بهما الرواية عن الصحابة في الأحاديث الصحاح. وفي صيغتي التعريف والتنكير تنبيه على أن الشيطان يباشر هذا الأمر بنفسه ويوليه كل شيطان مريد من أعوانه على حسب اختلاف المطالع في البلدان، والوقت المنهى عنه للصلاة يختلف على حسب ذلك الاختلاف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015