ومن كتاب الفتن
(من الصحاح)
[4017] حديث حذيفة- رضي الله عنه- سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (تعرض الفتن على القلوب كالحصير ...) الحديث.
ذكر أبو عبيد الهروي عن بعضهم في تفسيره أي يحيط بالقلوب، يقال: حصر به القوم أي أطافوا به. وذكر عن الليث أنه قال: حصير الجنب عرق يمتد معترضا على جنب الدابة إلى ناحية بطنها. يريد أنها تلصق بقلبه لصوق ذلك العرق بجنب الدابة. وقيل. أراد عرض السجن. قال الله تعالى: {وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا}.
قلت: وذكر عن بعضهم أنه هو الحصير المنسوج، وهذا هو التأويل المستقيم على سياق الحديث. وأما البقية فقد ضربوا فيها يمينا وشمالا، ولم يبعدوا عن الإصابة، لولا مكان قوله: (عود عود).
ولعل الذاهبين إلى غير ذلك لم يبلغهم الحديث بتمامه، فأولوه على ما بلغهم. وفي بعض طرق هذا الحديث: (تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير)، ولم يذكر (عود عود) وعلى المؤول أن لا [172/ب] يسارع إلى التأويل حتى يستوفي طرق الحديث، فإن الزيادات التي توجد فيها قلما تخلو عن لفظ يرشد إلى الأقوم والأقرب من وجوه التأويل.
وإذا حمل على الحصير المعروف ففيه وجهان:
أحدهما: أن يقال: تعرض الفتن عليها شيئا فشيئا، وتنسج فيها واحدا بعد واحد، كالحصير الذي ينسج عودا عودا.
والآخر: أن يقال: يلصق بعرض القلوب كما يلصق الحصير بجنب النائم عليه، ويؤثر فيه.
وقيل: (تعرض) تظهر لها وتعرف ما تقبل منها وما تأباه وتنفر منه.
ومنه: عرضت الخيل، وعرض السجان أهل السجن، أي: أظهرهم واختبر أحوالهم.