قال أحمد بن أبى طاهر، قال حماد بن إسحاق بن إبراهيم: سمعت أبى يقول- عن أبى سهيل: إنّ قول الفرزدق فى رائيته التى يناقض فيها جريرا حين يقول «80» :

كم من أب لى يا جرير كأنّه ... قمر المجرّة أو سراج نهار

لن تدركوا كرمى بلؤم أبيكم ... وأوابدى بتنحّل الأشعار «81»

إن هذين البيتين للراعى وإن الفرزدق انتحلهما؛ فصارا له.

حدثنى محمد بن أحمد الكاتب، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، عن الزّبير بن بكار، قال: حدثنى أبو مسلمة موهوب بن رشيد الكلابى، قال: قدم الفرزدق المدينة، فمرّ بجماعة من الناس قد استكفّوا «82» على جميل، وهو ينشد، فوقف بين الناس يستمع له حتى قال «83» :

ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا ... وإن نحن أومأنا إلى الناس وقّفوا

فصاح به الفرزدق: أنا أحقّ بهذا البيت منك؛ فرفع جميل رأسه فعرفه؛ فقال:

أنشدك الله يا أبا فراس. قال: نحن أولى به منك. وانصرف فانتحله.

وحدثنى إبراهيم بن شهاب، قال: حدثنا الفضل بن الحباب، عن محمد بن سلام، قال: قال جميل من قصيدة «84» :

وكنا إذا ما معشر أجحفوا بنا ... ومرّت جوارى طيرهم وتعيّفوا

وضعنا لهم صاع القصاص رهينة ... وسوف نوفّيها إذا الناس طفّفوا

ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا ... وإن نحن أومأنا إلى الناس وقّفوا

قال: فشدّ الفرزدق على هذا البيت، وقال: أنا أحقّ به منك. وقال: لا تعد فيه.

ولم يكثرثّ له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015