أحين أعاذت بى تميم نساءها ... وجرّدت تجريد اليمانى «76» من الغمد
ومدّت بضبعىّ الرّباب ودارم «77» ... وجاشت «78» ورامت من ورائى بنو سعد
فقال له الفرزدق: إياك أن يسمعهما منك أحد؛ فأنا أحقّ بهما منك. فجعل ذو الرمة يقول: أنشدك الله فى شعرى. فقال: اغرب فأخذهما الفرزدق، فما يعرفان إلّا له، وكفّ ذو الرّمة عنهما.
أخبرنا ابن دريد، قال: أخبرنا الرياشى، وكتب إلى أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبّة، قالا: كان الفرزدق مهيبا تخافه الشعراء [49] ؛ فمرّ يوما بالشمردل اليربوعى وهو ينشد قصيدة حتى بلغ إلى قوله:
وما بين من لم يعط سمعا وطاعة ... وبين تميم غير حزّ الحلاقم
فقال: والله لتتركنّ هذا البيت أو لتتركن عرضك. فقال: خذه على كره منى، لا بارك الله لك فيه؛ فجعله الفرزدق فى قصيدته التى أولها «79» :
تحنّ بزوراء المدينة ناقتى ... حنين عجول تبتغى البوّ رائم
حدثنى بعض أصحابنا، عن أحمد بن يحيى النحوى، عن محمد بن سلّام، قال:
بلغ الفرزدق قول ابن ميّادة:
لو ان جميع الناس كانوا بتلعة ... وجئت بجدّى ظالم وابن ظالم
لظلّت رقاب الناس خاضعة لنا ... سجودا على أقدامنا بالجماجم
فقال الفرزدق: وددت أنى سبقت إلى هذين البيتين قبل. قيل له: فكنت تقول ماذا؟ قال: كنت أقول:
فجئت بجدّى دارم وابن دارم
قال: ثم أدخلهما فى شعره.