بين الأهالى، ودفعت شهرة «وادى العلاقى» الذى يقع فى الصحراء
الشرقية بين «أسوان» و «البحر الأحمر» بالذهب والزمرد إلى جذب
جماعات كبيرة من «ربيعة» و «جهينة» منذ عام (238هـ = 852م) إلى
هذه المنطقة، حيث استقر العرب هناك وتزاوجوا مع «البجة» وأقاموا
إمارة عربية مدت نفوذها إلى «أسوان» وشمال «بلاد النوبة»؛ حيث
صاهروا حكام مملكة «مَقُرة» النوبية المسيحية، ونتج عن ذلك انتقال
الحكم إلى هؤلاء العرب من الذين عرفوا باسم «بنى كنز» نسبة إلى
لقب كان قد أطلقه أحد الخلفاء الفاطميين فى «مصر» على أحد
أمرائهم نظير مساعدته لهذا الخليفة فى القضاء على أحد الثائرين
والخارجين على دولته فى صعيد «مصر». وتطورت أحوال «بنى
كنز» هؤلاء حتى استطاعوا أن يقيموا دولة «بنى كنز» العربية فى
«بلاد النوبة» واتخذوا «دنقلة» عاصمة لهم منذ عام (723هـ = 1323م).
وبقيام هذه الدولة انفتح باب الهجرة العربية على مصراعيه، فهاجرت
قبائل عربية كثيرة إلى وسط «السودان»، وأقاموا بين نهرى «النيل
الأبيض» و «الأزرق»، وتحالفوا مع قبائل سودانية تسمى «الفونج»،
واستطاعوا أن ينشئوا معًا دولة إسلامية أخرى هى دولة «الفونج»
التى كانت عاصمتها «سنار»، وذلك عام (911هـ = 1505م).
كذلك هاجرت قبائل عربية كثيرة من «مصر» إلى مملكة «دارفور»
الوثنية منذ القرن الحادى عشر للميلاد، ووفدت إلى هذه المملكة
هجرات عربية أخرى من «تونس» و «شمال إفريقيا»، واختلط هؤلاء
المهاجرون بالأهالى وصاهروا ملوك «دارفور»، ونتج عن هذه
المصاهرة انتقال الحكم إليهم، فأصبحت «دارفور» سلطنة عربية
إسلامية منذ عام (849هـ = 1445م).
كذلك تواصلت الهجرات العربية إلى بلاد «الزيلع» و «الحبشة»، وهى
المنطقة التى تعرف الآن باسم منطقة القرن الإفريقى. ومنها هجرة
«ود بن هشام المخزومى» فى عصر «عمر بن الخطاب» - رضى الله
عنه - وقد تبع ذلك هجرات عربية استقرت على طول ساحل هذه