المكان النائى فى غرب القارة على رأس موكب كبير تحدث عنه

المؤرخون، وذلك فى عام (723هـ = 1323م) إذ كان موكبه يضم أكثر

من عشرة آلاف حاج، وكان يحمل معه كميات كبيرة من الذهب الخام،

أهدى منه إلى سلطان «مصر» وأمرائها وموظفيها، كما أفاض منه

على فقراء «مكة» و «المدينة»، ومَنَحَ عن سعة حتى قيل إن قيمة

الذهب انخفضت فى «مصر» انخفاضًا ملحوظًا لكثرة ما أنفقه فيها.

كذلك تحدثنا المصادر بأن ملوك «سلطنة صنغى الإسلامية» التى

خلفت سلطنة «مالى» فى غرب إفريقيا قاموا بأداء هذه الفريضة،

ومن أشهرهم السلطان «أسكيا محمد الأول» فى عام (495هـ =

1101م)، وقد أدى بعض سلاطين «الكانم» و «البرنو» الذين كانت

دولتهم تقوم حول «بحيرة تشاد» الحج ثلاث مرات، وبعضهم تُوفِّى

أثناء الذهاب أو العودة ودفن فى «مصر». وكان حكام بلاد

«السودان النيلى»، و «الصومال» و «الحبشة» وشرق إفريقيا بصفة

عامة يؤدون هذه الفريضة فى سهولة ويسر، نظرًا لقربهم من بلاد

«الحجاز»، وكانوا يحرصون على ذكر لقب الحاج قبل أسمائهم مثلما

كان يفعل إخوانهم فى شمال إفريقيا وغربها، حتى السلاطين

أنفسهم؛ مما يدل على أهمية هذه الشعيرة لديهم، وعلى أن تأثيرها

فى نفوسهم كان قويا، ولذلك كانوا يعودون من هذه الرحلة ممتلئين

حماسة للإسلام ولنشره بين من لم يعتنقه من الوثنيين فى بلادهم

وقراهم.

4 - الهجرات:

كان لتحركات القبائل وهجراتها سواء أكانت عربية أم بربرية أم

سودانية وزنجية دور كبير فى نشر الإسلام وثقافته، واللغة العربية

وثقافتها فى القارة الإفريقية.

ومن أهم هذه الهجرات هجرات العرب إلى بلدان القارة المختلفة،

وكانت «مصر» هى القاعدة والمنطلق الذى انطلقت منه هذه الهجرات

العربية غربًا إلى شمال إفريقيا، وبلاد «النوبة» و «السودان»، فقد

هاجرت جماعات عربية من «ربيعة» و «جهينة» و «بلى» إلى «أرض

البجة» منذ منتصف القرن السابع للميلاد، ونجحوا فى نشر الإسلام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015