«أرطغرل» وبعد فترة تُوفِّى هو الآخر، فأصدر سلطان قونية

مرسومًا بتعيين الأمير القبلى «عثمان» محل أبيه، فتولى الأمر وهو

فى الثالثة والعشرين من عمره.

ثم زالت دولة سلاجقة الروم فى «الأناضول» وحل محلها عدة إمارات

صغيرة نجح العثمانيون فى ضمها إلى دولتهم التى بدأت تنمو

وتتوسع حتى توحد «الأناضول» تحت قيادتهم.

الأمير عثمان:

تولى بعد أبيه مسئولية الإمارة، وبدأ فى توطيد سلطانه على أساس

من العدل والنظام، وأخذ فى توسيع رقعة دولته حتى وصلت إلى

مدينة «ينى شهر» التى اتخذها عاصمة لبلاده، وبذلك أصبح على

مرمى البصر من «بروصة» و «نيقية» وكانتا من أهم المدن فى غربى

«الأناضول».

ولما وجد «عثمان» أن إمارة «آل قرمان» هى أقوى الإمارات التى

قامت على أنقاض دولة سلاجقة الروم، أرسى سياسته على عدم

الاصطدام بها والتوسع غربًا تجاه البيزنطيين، وبدأ فى إرسال

حملاته من موقعه الحصين فى «ينى شهر» إلى المدن اليونانية

المجاورة، ونجح فى الاستيلاء على كثير من الحصون، قبل أن

تتحرك جيوش الدولة البيزنطية لمواجهته.

عرف الأمير «عثمان» بشخصيته القوية، وتحليه بالصبر والمثابرة

وضبط النفس، وحماسته للإسلام، لكن فى غير تعصب، بل فى سماحة

ورفق، فلم يضطهد أهل الذمة، وإنما اجتذبهم إلى خدمته، فأسلم

منهم جماعات كثيرة صارت ركيزة من ركائز دولته الناشئة.

وتُوفى «عثمان» فى الوقت الذى كان ابنه «أورخان» يحاصر مدينة

«بورصة» بعد أن ترك له وصية وهو على فراش الموت، سجَّلها

المؤرخ العثمانى «عاشق ُلبى»، جاء فيها:

«يا بنى أحط من أطاعك بالإعزار، وأنعم على الجنود، ولايغرنك

الشيطان بجهدك وبمالك، وإياك أن تبتعد عن أهل الشريعة، يا بنى!

لسنا من هؤلاء الذين يقيمون الحروب لشهوة حكم أو سيطرة أفراد،

فنحن بالإسلام نحيا، وللإسلام نموت، وهذا يا ولدى ما أنت أهل له.

يا بنى إنك تعلم أن غايتنا هى إرضاء رب العالمين، وأن بالجهاد يعم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015