الحاكم؛ فقد هجر السلطان أبا الحسن على ولداه «أبو عبدالله محمد»
و «يوسف» وأعلنا الثورة على والدهما بسبب خضوعه لسيطرة زوجته
الرومية الأصل وإهماله أمهما، وقد قامت حروب بين الفريقين،
أسفرت عن طرد السلطان أبى الحسن الذى لجأ إلى مدينة بسطة،
كما قتل ابنه يوسف وتولى ابنه أبو عبدالله على مملكة غرناطة، وقد
تعرض السلطان الجديد لهزيمة على يد النصارى وأسروه ثم أطلقوا
سراحه بعد أن أملوا عليه شروطهم، وواصل السلطان الجديد الحرب
ضد والده الذى سرعان ما توفى وخلفه أخوه أبو عبدالله محمد
الملقب بالزغل.
انتهز النصارى فرصة هذه الفتن واستولوا على بعض المدن، وبعثوا
إلى الزغل يعرضون تسليم ما معه من أراضٍ مقابل مال كثير فوافق
ورحل إلى فاس، وهناك وضعه سلطان المغرب فى السجن وصادر
أمواله وسمل عينيه.
وقد لجأت مملكة غرناطة فى السنوات الأخيرة من عمرها إلى
السلطات الحاكمة فى مصر تطلب نجدتها، ولكن مصر المملوكية آنئذٍ
لم يكن فى مقدورها أن تفعل شيئًا بسبب ظروفها الداخلية، وكل ما
استطاعته هو التهديد. بمعاملة المسيحيين فى المشرق معاملة سيئة
إذا ما تعرض المسلمون فى الأندلس للإهانة، وقد أرسل الملكان
المسيحيان سفارة إلى السلطان «قانصوه الغورى» عام (907هـ =
1501م) طمأنته على وضع المسلمين وأزالت التوتر بين الجانبين.
وقد التقت قوات غرناطة والمرينيين من قبل وحاربوا قوات قشتالة
وليون عند «أسنجة» جنوبى قرطبة سنة (647 هـ = 1249م)، وتحمس
المسلمون حماسًا عظيمًا ومزقوا قوات قشتالة شر ممزق، واضطر
«ألفونسو العاشر» إلى طلب الصلح، وحدث لقاء مماثل قرب غرناطة
عام (718هـ = 1318م) اتحد فيه المسلمون فحققوا نصرًا مؤزرًا، وهذا
يعنى أن قوة المسلمين فى الأندلس كانت لاتزال تستطيع الدفاع عن
نفسها ودحر عدوها إذا وحدت صفوفها وأدركت أهمية معاركها،
ووعت جيدًا دورها فى مواجهة الأعداء وتثبيت أقدام المسلمين فى