المشرق والمغرب، وراح ضحيته عدد عظيم من علماء الأندلس ورجال
الدين والأدب والسياسة فيها.
وعلى الرغم من قيام أبى الحجاج بعقد سلام مع ملك قشتالة عام
(734هـ = 1334م) فإنه سرعان ما تحطم وبدأ صراع بين غرناطة
والمغرب من ناحية، وقشتالة تساندها أراجون والبرتغال من ناحية
أخرى حول السيطرة على جبل طارق، وبعد معارك انتهى الأمر بين
كل الأطراف بعقد معاهدة مدتها عشر سنوات، وتوفى يوسف الأول
قتيلاً فى (أول شوال 755هـ = سبتمبر 1357م)، وتولى ابنه محمد
الخامس الغنى بالله، وحدث صراع وتحالف بين هذا الطرف أو ذاك
وبين ملوك النصارى، وانتهت هذه المرحلة بعقد صلح دائم بين قشتالة
وأراجون وغرناطة والمغرب عام (772هـ = 1370م)، ثم توفى
السلطان محمد الخامس الذى كان ملك البرتغال وسلطان بنى مرين قد
ساعداه على استرداد ملكه، وبعده تعاقب على عرش غرناطة عدد
من السلاطين الضعاف وتعرضت المملكة لكثير من الفتن والدسائس
والمؤامرات وجرت اتصالات وتحالفات مع ملوك النصارى، وبلغ
الاضطراب حدا تعاقب فيه على مملكة غرناطة اثنا عشر سلطانًا خلال
القرن (9هـ = 15م)، تولى بعضهم أكثر من مرة، فشهدت غرناطة
اعتلاء عشرين سلطانًا على عرشها.
حدث هذا فى الوقت الذى شهدت إسبانيا المسيحية نهضة حربية
وسياسية توجت بزواج «فرناندو الثالث» ملك أراجون من «إيزابيلا»
ملكة قشتالة، واتحدت الدولتان فى مملكة واحدة عام (874هـ =
1469م) بعد طول نزاع وحروب، وكان ذلك بداية النهاية لمملكة
غرناطة الإسلامية التى استمر بقاؤها معتمدًا - على حد كبير - على
استغلال النزاع بين هاتين المملكتين، وبدأ الملكان الكاثوليكيان
يعملان على إنهاء الوجود الإسلامى فى شبه الجزيرة، وعرف ذلك
سلطان غرناطة فامتنع عن دفع الجزية لقشتالة وبدأ النزاع بين
الجانبين، وتمكن النصارى من الاستيلاء على حصن «الحمة» عام
(887هـ = 1482م).
وزاد من سوء الموقف اشتعال الحروب الأهلية بين أفراد البيت