شهدت «الدولة المرينية» رخاءً وازدهارًا فى نواحى الحياة كافة.
وجعل المرينيون كل إقليم من أقاليم دولتهم وحدة اقتصادية مستقلة،
وجعلوها جميعًا تحت إشراف الوزير المختص أو صاحب الأشغال، وقد
تعددت مصادر الدخل المالى وشملت الزكاة، والخراج، والجزية،
والضرائب، والغنائم، والمصادرات، وكذلك تنوعت أوجه الإنفاق
وشملت: الرواتب، والعطايا، ونفقات الجيش، والبناء والتعمير.
وقد ازدهرت الزراعة ببلاد «المغرب الأقصى» نظرًا لتوافر أسبابها؛
حيث تمتعت البلاد بعدد من الأنهار، إلى جانب الأمطار التى تسقط
على جهات متفرقة، مع تنوع المناخ، فضلا عن خصوبة التربة،
واهتمام السلاطين بالزراعة، فأسفر ذلك عن وفرة وتنوع فى
المحاصيل مثل: القمح، والفول، والشعير، والزيتون، وقصب السكر،
والبقول، وكذلك توافرت الفواكه والخضراوات، ونمت الغابات فى
مساحات واسعة، فأمدت البلاد بأنواع الأخشاب المختلفة لصناعة
السفن والمنازل وغير ذلك من الأغراض.
وشهدت الصناعة ازدهارًا ورواجًا كبيرًا، وتعددت أغراضها ونشطت
مراكزها، خاصة وأن الموحدين تركوا وراءهم صناعة مزدهرة بهذه
البلاد، وجاء المرينيون فازدهرت فى عهدهم صناعة عصر الزيتون
وصناعة السكر، واهتموا بالصناعات الحربية نظرًا لكثرة حروبهم،
ويُروى أنهم كانوا روَّادًا فى استعمال البارود، بل لعلهم - كما يقول
«ابن خلدون» - أول من استعمله فى صناعة المدافع التى استخدمت
فى قذف الأسوار وتحطيمها.
ولم يهمل «بنو مرين» التجارة، بل حرصوا على توفير الأمن للقوافل
واهتموا بالتجارة، وأكثروا من الأسواق المتخصصة، وزادوا من عدد
الحوانيت ووفروا الراحة للتجار، وأنشأوا لهم الفنادق مثل: «فندق
الشماعين»، الذى كان من أهم مراكز التجميع لكبار التجار.
وقد تعددت طرق التجارة، وأقام المرينيون علاقات تجارية مع كثير
من الأقطار، فنشطت التجارة الخارجية، وكان التجار المغاربة يحملون