والحصون، ذات الطابع البيزنطى، التى تأثر بها المسلمون فى إنشاء
مساجدهم، واستخدموا ما تبقى من آثارهم فى تشييد أبنيتهم، ومع
ذلك لم تختلف سياسة البيزنطيين عن سابقيهم، ففرضوا الضرائب،
وتعسفوا فى جمعها، وانصرفت جهود حكامهم إلى جمع الأموال بكل
السبل، فأدى ذلك إلى تخلى المزارعين عن أراضيهم، واضطر التجار
إلى إغلاق متاجرهم، واتجه كثير من الناس إلى السلب والنهب، مما
أدى إلى قيام العديد من الثورات ضد هذا الظلم.
ولقد تركت هذه الأمم بصماتها على حياة البربر، وخاصة فى المدن
والمناطق الساحلية، كما تأثر الشعب المغربى بحضاراتهم على
مراحل متعاقبة من الزمن. ومما سبق نلمس تمركز الإدارة الأجنبية
بقواتها فى منطقة الساحل، وحرص هذه الإدارة على الاستفادة بقدر
ما تستطيع من خبرات البلاد، ولعل هذا يفسر مدى مقاومة المغاربة
للعرب، الذين مكثوا سبعين سنة فى محاولات دائبة ومستمرة لفتحها،
إذ عدُّوهم أجانب مثل غيرهم من الرومان والوندال فقاوموهم كل هذه
الفترة مقاومة شديدة.
الفتح الإسلامى للمغرب:
بعد أن فتحت مصر على يد القائد «عمرو بن العاص» سنة (21هـ =
642م)، كان من الطبيعى أن يمتد هذا الفتح تجاه المغرب فى «برقة»
و «طرابلس» باعتبارهما الامتداد الجغرافى الطبيعى للمنطقة، وإلى
رغبة المسلمين فى تخليص هذه الشعوب من قبضة المستعمرين،
وإتاحة الفرصة أمامها لتعرُّف الدين الإسلامى للدخول فيه والإيمان به.
وقد مرَّ الفتح الإسلامى لهذه البلاد بعدة مراحل هى:
المرحلة الأولى وهى مرحلة الاستطلاع:
وتبدأ من سنة (21هـ=642م) إلى سنة (49هـ= 669م) وتشمل هذه
المرحلة جهود ثلاثة من قادة الفتح الإسلامى وهم:
- عمرو بن العاص:
هو القائد العسكرى الخبير، والصحابى الجليل «عمرو بن العاص بن
وائل بن هاشم» الذى أعلن إسلامه فى العام الثامن الهجرى، وشارك
بدور بارز فى النشاط العسكرى للمسلمين فى عهد النبى - صلى الله