واستردت قوتها وعظمتها، وراجت التجارة ونشطت الزراعة

والصناعة، وقوى الجيش وأُنشئ له أسطول بحرى، فأصبحت الدولة

الطولونية إمبراطورية تمتد من «العراق» إلى بلاد «برقة» بما فى ذلك

«آسيا الصغرى» و «الشام» و «فلسطين»، وكان عهد هذه الدولة عهد

نهوض بفنون العمارة والزخرفة والنقش، كما كان عهد سلام ورخاء

وعناية بالمرضى والضعفاء، وفيه نال العلم والعلماء تشجيعًا جعل

«المقريزى» يذكر فى خططه عن القاضى «أبى عمرو النابلسى»،

أنه رأى كتابًا لا يقل فى حجمه عن اثنتى عشرة كراسة، يحوى

فهرست شعراء «أحمد بن طولون»، فإذا كانت أسماء الشعراء فى

اثنتى عشرة كراسة، فكم يكون شعرهم؟. فلا عجب إذن إذا رثى

الشعراء - بعد ذلك - هذه الأسرة، وتذكروا أيامها بالحزن والألم

والحسرة، فيكفيها فخرًا أنها الواضعة لأساس مدنيات الأسر التى

تلتها فى حكم «مصر»، خاصة المماليك والفاطميين.

النظام الإدارى فى عهد الطولونيين:

قُسِّمت «مصر» فى عهد الدولة الطولونية إلى كور، كان على رأس

كل منها حاكم يُسمَّى: «صاحب الكورة» - هو بمثابة المدير حاليا -

وتعهد إليه إمامة الناس فى الصلاة بالمساجد الرئيسية التى توجد فى

عاصمة مديريته.

وكانت «مصر» تنقسم إلى ثلاثة أقسام هى: «مصر العليا»، و «مصر

الوسطى»، و «مصر السفلى»، وكثيرًا ما قام «ابن طولون» ومن بعده

ابنه «خمارويه» بالتفتيش على تلك الأقسام الإدارية المختلفة

بنفسيهما؛ لاستطلاع أحوال الأمن فيها، والاطمئنان على أمور

الرعية، ولحث الحكام على العناية بأقاليمهم، وتنفيذ سياسة الدولة

التى تهدف إلى رعاية المصالح العامة للرعية.

الشرطة:

وكان نظام الشرطة فى الدولة الطولونية ينقسم إلى قسمين، أولهما:

«الشرطة الفوقانية»، والثانى: «الشرطة السفلانية»، أو «الشرطة

العليا»، و «الشرطة السفلى»، ولم تقتصر سلطة صاحب الشرطة على

تنفيذ الأوامر، والمحافظة على النظام؛ بل كانت له اختصاصات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015