الفصل الثاني
*الدولة الطولونية فى مصر والشام
[254 - 292 هـ = 868 - 905 م].
تنسب هذه الدولة إلى مؤسسها «طولون»، الذى ينحدر من أسرة
كان موطنها «بخارى» ببلاد «التركستان»، وفى سنة (200هـ) وصل
«طولون» إلى «بغداد» إبان خلافة «المأمون» (198 - 218هـ)،
فأهدى بعض الرجال إلى الخليفة «المأمون»، الذى رأى فيه اتزانًا
فى الفكر وبسطة فى الجسم، فجعله رئيسًا لحرسه الخاص، فعلا نجم
طولون فى الدولة، ومهَّد لنفسه ولأسرته طريق السيادة والسلطة
فيها.
أمراء الدولة الطولونية:
أحمد بن طولون [254 - 272هـ = 868 - 885م].
وُلد «أحمد بن طولون» سنة (220هـ = 835م)، وعُنى أبوه بتربيته
عناية كبيرة، فعلَّمه الفنون العسكرية، وعلوم اللغة والدين، وتردد
على العلماء، وأخذ من معارفهم، وروى عنهم الأحاديث، فأصبح
موضع ثقة الخلفاء العباسيين لشجاعته وعلمه، وعمل تحت رعايتهم
فى خلافة «المتوكل» (242 - 247هـ)، و «المستعين» (248 - 252هـ)،
و «المعتز» (252 - 255هـ)، و «المعتمد» (256 - 279هـ).
فلما مات «طولون» سنة (240هـ) عهد «المتوكل» إلى «أحمد بن
طولون» بما كان يتولاه أبوه من الأعمال، فأظهر كفاءة عالية،
وهمة نادرة، كما احتل مكانة بارزة فى قلوب رجال البلاط العباسى
حين حاولت جماعة من اللصوص الاستيلاء على قافلة كانت متجهة من
«طرسوس» إلى «سامراء» تحت قيادته، فتصدى لهم «ابن طولون»،
وأظهر كفاءة عسكرية فريدة، وتمكن من القضاء على هؤلاء
اللصوص، ونجا بقافلته، وعندما علم الخليفة بذلك ازداد إعجابًا به
وتقديرًا له.
أحمد بن طولون فى مصر 254 272 هـ:
كان من عادة الخلفاء أن يعينوا ولاة للأقاليم الخاضعة لسلطانهم،
وكان هؤلاء الولاة يعينون من ينوب عنهم فى حكم هذه الولايات؛
رغبة منهم فى البقاء بالعاصمة؛ أملا فى الحصول على منصب أعلى
وخوفًا من المؤامرات.
وكانت «مصر» - آنذاك - تحت ولاية القائد التركى «باكباك» الذى