قبل، ولكنهم مالبثوا أن فهموا طبيعة الإسلام، وأنه جاء ليحررهم من
الحكم البيزنطى البغيض، وأن الفاتحين لم يأتوا لاستغلالهم؛ فهم
أهلهم، وهدفهم لم يكن الاستيلاء، وإنما جاءوا لنشر الإسلام الذى
حمل لهم الخير، فرأوا العدل والحرية والمساواة التى تحلى بها الولاة
المسلمون فى حكمهم، فهرعوا إلى اعتناق الدين الجديد بمحض
إرادتهم، ومن أراد منهم البقاء على دينه -يهوديا كان أو نصرانيا-
كانت له الحرية فى ذلك دون إكراه، والدليل على ذلك بقاء عدد كبير
من المسيحيين بالشام حتى الآن.
وكانت جيوش الفتح الإسلامى تضم عددًا كبيرًا من الصحابة؛ الذين
قاموا بتعليم المسلمين الجدد تعاليم دينهم، كما أرسل الخليفة «عمر
بن الخطاب» عددًا آخر من كبار الصحابة إلى الشام للإقامة فيها،
لتفقيه الناس بأمور دينهم، ومن أبرز هؤلاء الصحابة الذين أسسوا
مدرسة الدراسات الشرعية فى الشام: «معاذ بن جبل»، و «أبو
الدرداء»، وقد ازدهرت ازدهارًا كبيرًا فى العصر الأموى، وكان من
أنجب رجالها: الإمام «الأوزاعى» المتوفَّى سنة (157هـ).
أما بالنسبة إلى اللغة العربية، فلم تكن هناك مشكلة؛ لأنها كانت لغة
السكان - أو معظمهم - قبل الفتح، ومع ذلك كانت اللغة اليونانية هى
اللغة الإدارية - فى البداية - ثم ما لبث أن تحولت إلى اللغة العربية.