عرش الدولة فى عام (662هـ =1264م)، ولكنه لم يلبث طويلا فى
الحكم، إذ استطاع «براق خان» الاستيلاء على العرش فى عام
(664هـ = 1266م)، بمساعدة «قوبيلاى قا آن» خاقان المغول، وذلك
يؤكد أن العلاقة الخارجية لهذه الدولة كانت ذات صلة وثيقة بالسياسة
الخارجية لدولة خاقانات المغول.
مظاهر الحضارة فى الدولة الجغتائية:
تُعد «بخارى» أعظم مدن «الدولة الجغتائية»، وكانت حاضرتها التى
يشار إليها بالبنان ضمن بلاد «ما وراء النهر»، إذ كانت تزخر بالأبنية
الفخمة، والحدائق الغناء، والبساتين والمتنزهات والثمار الكثيرة،
التى يعد البرقوق أشهرها حتى الآن، كما كانت سوقًا ومركزًا
تجاريا مهما، فبها مصانع للحرير والديباج، وأخرى للمنسوجات
القطنية، وكذلك كانت ذات مكانة خاصة فى العالم الإسلامى، ولم
يضارع «بخارى» فى كل ذلك سوى «سمرقند» بأضرحتها
وبفواكهها، ومصنوعاتها من الجلود، والمنسوجات القطنية.
ولعل القارئ يتساءل كيف انتعشت الحضارة فى «بخارى»
و «سمرقند» مع ما لحق بهما من دمار عمَّ بلاد «ما وراء النهر» أثناء
الغزو المغولى؟ خاصة وأن أحد البخاريين الذين فروا من الدمار الذى
لحق بمدينته أخبر عن حالها - بالفارسية- حين سئل عن ذلك بقوله:
«آمدند وكندند وسوخستند وكشتند وبردند ورفتنك.
وترجمة ذلك:
جاءوا، ودمروا، وأحرقوا، وقتلوا، ونهبوا، ثم رحلوا.
فكانت إجابته تصويرًا لما لحق بهذه المدينة التى خرَّجت العلماء
الأجلاء، ولم تكن «سمرقند» بأسعد حظا منها، ولكن لم تمضِ عدة
سنوات حتى استعادت هذه المناطق رونقها وبهاءها، لوفرة
المحاصيل الزراعية بها، ولرغبة المغول فى كسب ود هذه البلاد؛
لأنها مركز الثورات، وحركات التمرد والعصيان ضدهم، لذا تمكنت هذه
البلاد من استرداد قوتها وإعادة بنائها مرة ثانية.
ولقد شهدت بلاد «ما وراء النهر» فترة ازدهار حضارى على يد
حاكمها «مسعود يلواج» فى ظل «الدولة الجغتائية»، وبنى ببخارى