اعتلت صحته، واهتدى الجيش المغولى الذى كان يطارده ويتعقبه
إلى القلعة التى كانت تختبئ فيها زوجاته فى «مازندان»،
فاقتحموها وأسروا زوجاته، وقتلوا مَنْ وجدوه بالقلعة من أبنائه
ورجاله، فلما علم «السلطان محمد» بذلك فقد وعيه، واستولى عليه
القلق والاضطراب، وأخذ يبكى بكاءً مرا حتى وافاه أجله فى سنة
(617هـ) بعد أن استولى المغول على معظم أقاليم «إيران»
وأحسنها.
وهكذا كان للعامل النفسى دوره واعتباره فى حروب «جنكيزخان»
على «الدولة الخوارزمية»، وهو دور لا يقل أهمية عن الدور الذى
لعبته العوامل السياسية والعسكرية التى تسببت فى هزيمة
الخوارزميين واندحارهم أمام الغزاة.
السلطان جلال الدين المنكبرتى وجهاده ضد المغول:
المرحلة الأولى من جهاد جلال الدين:
كان السلطان «محمد خوارزمشاه» - قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة - قد
منح ولاية العهد لابنه الأكبر «جلال الدين»، المعروف باسم
«منكبرتى» بدلا من ابنه «أوزلاغ» المعروف باسم «قطب الدين»،
وتوجه «جلال الدين» -عقب وفاة أبيه- إلى «خوارزم»، فقوبل
بمعارضة شديدة من أتراك «القنفلى» الذين يتكون منهم عصب
الجيش، حيث كانوا يرغبون فى أن يكون «غياث الدين» سلطانهم؛
لأن أمه من طائفتهم، ولم يكتفِ هؤلاء الجنود بالمعارضة، بل دبروا
لقتل «جلال الدين»، إلا أنه تمكن من الفرار بأتباعه عبر الصحراء إلى
«غزنة»، التى كان هو واليها فى عهد أبيه، ويعرفه الناس هناك
ويحترمونه ويقدرون كفاءته العسكرية وأعماله البطولية.
واستطاع هناك تكوين جيش كبير بلغ ثلاثين ألف مقاتل، وانضمت إليه
الفلول التى كانت هاربة من المغول، وبذلك ألحق هزيمة كبيرة
بمقدمة أرسلها المغول للبحث عنه فى هذه المنطقة فى سنة (618هـ.)
خشى «جنكيزخان» أن يتسع نفوذ «جلال الدين» فأرسل جيشًا
كبيرًا بقيادة أحد كبار القادة المغول لمحاربته، فالتقى الجيشان
بالسهول القريبة من «بروان»، واستطاع «جلال الدين» أن يلحق