التى يصعب عبورها، ثم ينقض عليهم بجيوشه من كل جانب، فراقت
هذه الفكرة «السلطان محمد»، وفرق جيشه وأمراءه على المدن
الرئيسية ببلاد ما وراء النهر.
ولبث محمد خوارزمشاه ينتظر المغول، ثم ترك جيوشه وقواده ببلاد
«ما وراء النهر» وعاد إلى «خراسان» بسبب بعض الأمور الداخلية
التى أقلقته، والتى كان من أبرزها سيطرة أمه وزيادة نفوذها على
البلاد والجيش، لدرجة أنها تفوقت عليه فى النفوذ.
فلما وصل «جنكيزخان» إلى بلاد «ما وراء النهر»، قسم جيوشه
عليها، وتمكن من السيطرة على هذه المنطقة فى وقت قصير،
واستولت جيوشه على «أترار» و «بخارى» و «سمرقند»، وأمهات
مدن بلاد «ما وراء النهر»، ولم يجد المغول المقاومة الشرسة التى
انتظروها، فأدرك «جنكيزخان» حالة السلطان النفسية، وعمد إلى
المبالغة فى القتل والسلب والنهب ليزداد خوف الخوارزميين وغيرهم،
وقتل سكان مدينة «أترار» عن بكرة أبيهم، وأحرق «بخارى» عن
آخرها، وقتل كثيرًا من سكانها، وأخذ من بقى منهم على قيد الحياة
رقيقًا؛ ليستخدمهم فى حروبه التالية، فجمع الخوارزميون أمرهم
على بناء سور عظيم حول مدينة «سمرقند» آخر أمل لهم فى الصمود
والبقاء، ولكن المغول كانوا أسرع منهم ووصلوا إلى «سمرقند» قبل
أن يشرعوا فى بناء سورها، وتمكنوا من اقتحام هذه المدينة،
فانهار «السلطان محمد» وأخذ يولى الأدبار من مكان إلى مكان،
وأرسل بعض أتباعه لكى ينقلوا زوجاته وبنيه من «خوارزم» إلى
«مازندان»، فانتقلت عدوى الخوف والاضطراب من السلطان الهارب
إلى ثقاته وأتباعه ومستشاريه، واختلفت بينهم الآراء فيما ينبغى أن
يقوموا به فى سبيل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، واستقر الأمر بالسلطان
إلى أن اختار التوجه إلى بلاد العراق العجمى غربى «إيران»؛ ليبتعد
بنفسه وجيشه قدر الإمكان عن هؤلاء الغزاة، ثم يستجمع قواه
وجنوده، ويستعد للقاء المغول، وعاد من جديد وولى وجهه شطر
الشمال الغربى إلى «نيسابور»، وأثناء ارتحاله سمع بسقوط