الدول على الإطلاق فى تلك المنطقة، غير أن الواقع كان على خلاف
ذلك، فقد استنزفت الحروب الطويلة التى دخلها «الخوارزميون» مع
الدول المجاورة الواحدة تلو الأخرى كل ثرواتهم، واستهلكت عناصر
الفروسية فى جيوشهم، وقضت على خيرة الجنود والمقاتلين.
كان الجيش الخوارزمى يشتمل على أخلاط وأجناس مختلفة من قبائل
«الأتراك القنفلى» و «الغور» و «البلوج»، وغيرها من العناصر التى
كانت -غالبًا- تتنافر، وتدب بينها الخلافات - أحيانًا - لأتفه الأسباب؛
ومن ثم كان الجيش الخوارزمى غير متجانس، ومتفرق الأهواء
والمقاصد.
أما من الناحية الداخلية: فقد كانت علاقة «السلطان محمد» بالعلماء
والفقهاء علاقة سيئة للغاية، وأدى ذلك إلى سوء علاقته بالشعب،
وكانت الفتوى التى انتزعها «السلطان محمد» من العلماء والفقهاء -
بعدم أحقية الخلفاء العباسيين بالخلافة، وأن العلويين أحق بها منهم
- من بين أسباب تفاقم الخلاف بين الجانبين، حيث جاءت هذه الفتوى
رغم أنوف العلماء، وبتهديد السلاح.
لم تكن البلاد التى استولى عليها الخوارزميون راضية عن دخولها
تحت حكم «محمد خوارزمشاه»، ولم تمل بأى حال إلى الخوارزميين؛
ولهذا جاءت مواقفها متراخية حين طلب منها «السلطان محمد» المدد
بعد عبور المغول نهر سيحون، وتباطأت فى تقديم المدد والعون
للخوارزميين؛ مما اضطر السلطان الخوارزمى إلى الانسحاب.
ومهما يكن من أمر فإن المؤرخين العرب يقرون بتدين السلطان
«محمد خوارزمشاه» وحسن عقيدته وشجاعته، على الرغم من
أخطائه السياسية والأخلاقية الفاحشة التى أودت بدولته، وعرضت
العالم الإسلامى كله للخراب والدمار، وقد تمثلت هذه الأخطاء فيما
يلى:
1 - محاربة «محمد خوارزمشاه» للغوريين فى الشرق والجنوب حتى
اضطرهم إلى الانحسار فى جزء محدود، واختتم علاقاته بهم بقتل
أخيه.
2 - تحطيم الدولة القراخطائية التى كانت تمثل سدًّا منيعًا؛ يمنع غارات
القبائل المغولية البربرية على دولته.